Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

عالم السلام في هدي الإسلام

A A
دأب بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي في سنوات خلت، وبتحريض من اللوبي الصهيوني على تقديم تقارير مضللة يحاولون من خلالها إدراج المملكة العربيَّة السعوديَّة ضمن فئة الدول المثيرة للقلق!!، محاولين اتخاذ اجراءات ضدها! وجرت العادة من الرؤساء الأمريكيين أن يقوموا بتجميد تلك المطالبات المزعومة مراعاة للأمن القومي وللجانب الاقتصادي عندهم المرتبط بالميزان التجاري الضخم بين الدولتين والذي يوفِّر فرص عمل للعاطلين من أبنائهم.

ولم نسمع تنديدًا من أعضاء الكونجرس بإسرائيل! ولا وصفهم لها بالدولة المثيرة للقلق، مع انتهاك قادتها والمستوطنين حرمة دور العبادة عند المسلمين والمسيحيِّين في الأرض المقدَّسة.. ولا وهي تمارس القتل العشوائي للفلسطينيِّين وترويعهم حتَّى في دور العبادة! يعتقلون عشوائيٍّا وتعسُّفيًّا الشيب والشبَّان والنساء والأطفال.. يسومون المعتقلين أفظع طرق التعذيب البدني والنفسي بما يتنافى والأخلاق التي يزعمون مراعاتها! يسرقون الأراضي، ويعرقلون جهود المجتمع الدولي إقامة دولة ذات سيادة للفلسطينيِّين على ما بقي من وطنهم بعد حرب 1967.

سبق للجمعيَّة العامة للأمم المتَّحدة إصدار قرارها رقم 3379، بتاريخ العاشر من نوفمبر 1975 الذي أدان الصهيونيَّة وماثلها شكلًا من أشكال العنصريَّة والتمييز العرقي، وطلبت من جميع دول العالم مقاومة العقيدة الصهيونيَّة التي حسب القرار تشكِّل خطرًا على الأمن والسلم العالميَّين.. وقد أثار ذلك القرار عند صدوره حفيظة الصهاينة والسلطات المؤثَّرة في سياسة الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، فمارسوا طوال ستَّة عشر عامًا ضغوطًا كثيرةً لإلغاء القرار حتَّى تمَّ لهم ما أرادوا.

في الوقت ذاته، تستضيف المملكة، ولعقود سبقت من الزمن، ما يقارب ثلث عدد سكَّانها اليوم، موفِّرة لهم فرص العمل والكسب المناسب لإعاشتهم، ومن تركوهم خلفهم من الأهل، وغالبيَّتهم من أتباع ديانات ومذاهب متعدِّدة، يمارسون طقوس ديانتهم بكلِّ راحة وحريَّة.. كما تستضيف المملكة سنويّا مئات الألوف من الحجيج والمعتمرين من مذاهب إسلاميَّة متعدِّدة لتأدية مناسكهم في بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، وزيارة بيت الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة.. ويسهر شعب المملكة مع ولاة أمره من ملوك، وخدَّام الحرمين الشريفين على راحة ضيوف الرحمن، وتأمين وسائل تنقُّلاتهم وأماكن إقاماتهم، وتوفير العناية الصحيَّة المجانيَّة لهم.

مثل هذا لا نجده في دولة إسرائيل التي تتبجَّح بأنَّها دولة لليهود دون سواهم.. ونراهم يدَّعون أنَّهم (أبناء الله وشعبه المختار)، ومكانتهم فوق جميع الشعوب التي على وجه الأرض! وأنَّ الله قد سمَّاهم بهذا الاسم في توراتهم: (أنتم أولاد للربِّ إلهكم).. ونجدهم في مصطلحاتهم يخلعون على أنفسهم صفات المدح والتعظيم ممَّا يمكِّنهم من احتقار بقيَّة الشعوب والأمم، ويخوِّلهم السيطرة على العالم ما داموا أبناءَ الله وأحبَّاءه. وقد بيَّن الله تعالى في محكم التنزيل بطلان زعمهم بقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير﴾.

فهل من بين مستشاري الرئيس الذي سيباشر مهامه من مكتبه في (البيت الابيض)، من يضيف إلى ما يعرفه عن اليهود والصهيونيَّة وأطماعهم وسيطرتهم وتسلُّطهم وما كان بين المسلمين واليهود على مدى عقود عديدة، إن لم يكن منذ سطوع شمس الإسلام مع بلد الحرمين الشريفين من تعايش، أفسده قيام الحركة الصهيونيَّة! ويستوعب ما تعنيه الآية الكريمة في محكم التنزيل: ﴿آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتَبِهِ وَرُسَلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ)، وأنَّه تعالى جلَّ جلاله أرسل نبيَّنا الكريم عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين، وحمَّله رسالة مكارم الأخلاق من صدق في القول والعمل، وتعايش مع معتنقي الديانات الأُخرى المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها، وأنه لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، فينقل لرئيسه خلاصة ما توصَّل إليه عن الإسلام والمسلمين، وتعايش المسلمين مع الآخرين على تعدُّد دياناتهم ومذاهبهم! وأنَّه لا عصبيَّة ولا عنصريَّة في الإسلام، ولا عند المسلمين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store