Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
صالح عبدالله المسلّم

خُبراء الـ«واتساب»

A A
لا شك أن للتقنية «إيجابيات» كما أن لها «سلبيات».. ولم نكُن أصحاب عهد بالتقنيات، ولا الأيقونات، ولا حتى بالتطبيقات.. غالبيتنا حديثو عهد بها، ومُجتمعاتنا العربية أشبه ما تكون بشخص جئت به من قرية ورميته في أحضان إحدى المُدن الصاخبة الأوروبية أو الأمريكية، فكانت الوهلة الأُولى والصدمات تتوالى ومُحاولة التكيّف والتعايش مع الواقع ولكنه أضاع مشيته ومشية الغُراب..!، فتجده تارة منُحرفاً ناحية اليمين وتارات أُخرى الى الشمال ويتعثّر كثيراً ويسقط بقوة في أحضان وبراكين مُتطلبات الحاضر..!.

ومن هذا المُنطلق استخدم التطبيقات السهلة وبطريقة لا تخدم الناس ولا المُجتمع وإنما تُرضي «غروره» قبل كل شيء، ولإثبات وجودٍ لشخصه فقط!.

فكان صديقاً لـ(تويتر) و (التويتريين)، ولكن الغالبية نبذوه وأحرقوا كَرته وكانت صدمته بأن (تويتر) يريد الخبر الصادق، والمعلومة المُتقنة في غالب الأحيان، وهذا مُنافٍ لما يبحث عنه فهرب منه الى (الواتساب) وانطلق يُمارس هواياته في «القص واللصق» و «التحريف» و «بث الإشاعات»، ووجد ضالته في هذا المُتنفس المليء بالمُغالطات.. و»هذه بيئته»، وسريعاً ما يتكيف معها كونه يجيد اللعب على هذا الوتر ولا تُكلفه شيئاً.. فقط نسخ ومن ثم بعثها الى العشرات بل الآلاف من الناس بضغطة زر..!

هو لا يتقن القراءة والتمعّن في «محتوى الرسالة» اللهم أنه يُرسل ليكون موجوداً ومتواجداً في ساحات المعركة وساحات الجدال ومنبع الشائعات لعل وعسى أن تستضيفه «قروبات» أخرى ليحظى بالمزيد من المشاركات ويشبع غرائزه (الواتسابية) وشهواته النفسية، ويسيل لعابه للعديد من المشاركات وبث الشائعات، وهُنا يكون قد ملأ وقته واستأسد على قرنائه، وفاز بأنه أرسل باليوم أكثر من ألف رسالة (العدد مهم لا الكيف ولا المحتوى)..!

(خبراء الواتساب) عارفون بأمور الطب، والهندسة، والطيران، وأزمات العالم السياسية، والاقتصادية، وعلى دراية تامة بما سيؤول إليه «لقاح كورونا»، وما هو مغزى الشركات في إنتاج اللقاح، وهم يعلمون خفايا ما يدور في «البيت الأبيض» و»قصر الإليزيه» ويقرؤون تفكير بايدن وماكرون وعلى يقين تام بأمور الطقس وما سيحدث غداً..!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store