Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

خطر الفكر الإخواني بين هيئة الأمر بالمعروف ومناهجنا الدراسية! (2)

A A
أواصل الحديث عن خطر تغلغل فكر الإخوان في مناهج الدين والتاريخ، وذكرتُ في الحلقة الماضية مثال «حديث غربة الدين» في منهج الحديث للمرحلة الثانوية الوحدة الثانية لعام 1442هـ، وقد تبيّن لنا من خلال إرشادات الحديث الواردة في صفحة (20) أنّها تمثل رؤية الإخوان ومنهجهم الفكري وأهدافهم ومخططاتهم، فقوام فكرهم قائم على تكفير المجتمعات، وعودتها إلى الجاهلية الأولى معتبرين أنّ غربة الإسلام حدثت بسقوط الدولة العثمانية في مارس/آذار 1924م التي بسقوطها -حسب رؤية الفكر الإخواني- تم هدم الخلافة الإسلامية، ولأول مرة أصبحت الأمة بلا خلافة وبلا راعٍ يقاتل من ورائه ويتَّقى به، فما أصعب حالة الغربة تلك التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمة، وقد زادت حالة الغربة أكثر بعد أن استطاع أعداء الأمة أن يشوهوا فكرة الخلافة في أذهان الأمة ردحًا من الزمن.

فمخططات تنظيم الإخوان وأهدافه منذ تأسيسه عام 1928م، أي بعد سقوط الدولة العثمانية بأربع سنوات قائمة على الدعوة لعودة ما أسموها بدولة الخلافة «الدولة العثمانية»، وهذا ما كان يدور حوله واضعو المناهج الدراسية الدينية والتاريخ في عقود خلت، ويريدون ترسيخه في أذهان أولادنا الذين سيصبحون إخوانيي الفكر إن لم يتم تنقية المناهج من هذا الفكر.

ومن هنا نجد واضعي مناهجنا الدينية كانوا يُرّكِزون في مادة الحديث على الأحاديث التي يوظّفونها لخدمة أهداف الإخوان من ذلك حديث»غربة الإسلام»، وكذلك حديث «أسباب نيل ولاية الله»، فقد ورد هذا الحديث ضمن منهج «نظام الأسرة» أحد مناهج الثقافة الإسلامية لبعض جامعاتنا، وسبق أن نبّهتُ إليه في مقالات سابقة عام 2020م، وهو الحديث السادس في منهج الوحدة الثانية من مادة الحديث للمرحلة الثانوية عام 1442هـ صفحة (40) وقد أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الرقاق، باب التواضع، وصنّفه بأنّه حديث قدسي، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، قال: حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بنُ بِلالٍ، قالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي نَمِرٍ، عَن عَطَاءٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبْدِى بِشَيء أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيء أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».

والحديث من حيث الإسناد قد رُوي من وجوه أُخرى لا تخلو كلها عن مقال». وقال الإمام عبد الرحمن المعلمي اليماني (1313-1386هـ) في كتاب «رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله» في صفحة (158) من رفع الاشتباه:»بل إنّ في الصحيحين أو أحدهما، أحاديث قد انتقدها الحفاظ، مثل حديث البخاري: حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا خالد بن مخلد... فهذا الحديث قد تكلَّم فيه الذهبي في «الميزان» في ترجمة خالد بن مخلد. وخالد بن مخلد، قال فيه الإمام أحمد: (له أحاديث مناكير). «وقال ابن سعد: (كان متشيعًا، منكر الحديث، في التشيع مُفرط، وكتبوا عنه للضرورة). وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء. أمّا الشيخ الألباني فكان من العلماء الذين جزموا بضعف إسناد البخاري، ففي «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (1640). ساق الشيخ الحديث، ثم قال: «قلت: وهذا إسناد ضعيف، وهو من الأسانيد القليلة التي انتقدها العلماء على البخاري رحمه الله تعالى».

ويقول الدكتور خالد الحائك في موقعه الاليكتروني «دار الحديث الضيائية» حاصل القول فيه: إنّه صدوق يَهم ويُخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا سيما في التشيع، فإنه كان غالياً فيه. ومثل هذا يتوقف عما انفرد به، ويُرد ما انفرد به بما فيه تهمة تأييد لمذهبه. وقد تفرد بهذا الحديث كما ذكره الذهبي وكذا الحافظ ابن حجر في مقدمة «الفتح»، وفي هذا الحديث تهمة تأييد مذهب «الغلاة « في الاتحاد والحلول، وإن لم يُنقل مثل ذلك عن خالد، وقد أسندت إلى هذا الحديث بدع وضلالات تصطك منها المسامع، والله المستعان. وفي سنده أيضًا، شَريك بن عبد الله بن أبي نمر، وحاصل كلامهم فيه أنّه: صدوق يخطئ. وذكر الحافظ في فتح الباري الطرق الأخرى للحديث عامتها ضعاف.

وفي خلاصة بحثه عن تخريج حديث»من عادى وليًا» يقول:»خالد بن مَخلد القطواني صدوق يَهم ويُخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا يُقبل ما انفرد به. وقد تفرد بحديث الولي، وحديث الولي فيه تهمة تأييد مذهب الغلاة في الاتحاد والحلول.. (للحديث صلة).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store