Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

أيها العالم المريض اتعظ!، الروهينغا يصرخون في سفينة العذاب!

A A
أبدا ليس استدعاءً للحزن، أو بحثاً عنه، حتى يليق باسم «الصحفي الحزين»، لكنها الأخبار ووكالات الأنباء التي تقذف في وجهي كل يوم بخبر مفجع عن الإنسان المسلم في القرن الحادي والعشرين!. وكنت من فرط كثرة هموم أمتنا العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن، ولبنان على سبيل المثال لا الحصر، قد نسيت أو تناسيت قضايا الأقليات المسلمة حول العالم، بعد أن تخصصت فيها وتصديت لها نحو عقد من الزمن!.

مناسبة المقدمة، هو ما سمعته من مسؤول في بَحْريّة بنجلاديش عن أن مجموعة تضم نحو 1400 لاجئ من الروهينغا أبحرت إلى جزيرة نائية في خليج البنغال، رغم انتقادات من جماعات معنية بالحقوق، أبدت مخاوفها من مخاطر العواصف والفيضانات على الجزيرة!.

وهؤلاء يمثلون أحدث مجموعة تنضم إلى ما لا يقل عن 6700 لاجئ من الروهينغا من ميانمار المجاورة أرسلتهم بنجلاديش إلى جزيرة باشان شار، منذ أوائل ديسمبر، من مخيمات حدودية حيث يعيش مليون شخص في أكواخ متهالكة!.

تذكرت قضية البيهاريين الذين زرتهم في مخيمات مهترئة في العاصمة دكا!، تذكرت علب الصفيح خافتة الأضواء، المملوءة بالعويل والنحيب!، رأيتهم هناك وهم يشربون العذاب، ويقضون النهار كله بحثاً عن الرغيف وهم ينبشون التراب!.

أخجل أن أسأل الآن عما جرى ويجري لهم الآن!

أتذكر كيف ظل أكثر من 300 ألف منهم يقيمون في 116 مخيماً رثاً في بنجلاديش، ووفقاً لما تقوله الوثائق فقد قد جاء غالبيتهم من ولاية بيهار الهندية، وانتقلوا إلى باكستان الشرقية (بنجلاديش حالياً) أثناء وبعد أحداث التقسيم في عام 1947.

لقد أصدرت المحكمة العليا في عام 2008 قراراً تاريخياً باعتبار البيهاريين مواطنين في بنجلاديش، ولكن حقوق المواطنة ترجمت إلى حد أدنى من المكاسب، حيث لا يزال معظمهم يعيشون على أراضٍ مملوكة للحكومة، مما يجعلهم عرضة لسوء المعاملة والتلاعب السياسي.

عدت الى الروهينغا، وأنا أتخيل نفسي على متن السفن التي أبحرت بالآلاف منهم من صقيع الى صقيع، بل من جحيم الى جحيم وسط صمت العالم في القرن الواحد والعشرين! العالم الشرير، ميت الضمير، الذي ابتلته القدرة الإلهية بفيروس ضعيف فشل في الخلاص منه حتى الآن!.

تذكرت صوت أنين الشيخ الجريح، الملتاع، بين صراخ طفلته من الجوع وبين نواح الريح.. ثم تذكرت هؤلاء الذين يشكون في عواصمنا هذا العام من قسوة الشتاء، وقولهم إن التغطية بأكثر من بطانية، يمثل الشقاء.. كل الشقاء!.

تذكرت وجوه الآباء والأمهات الذين استباحهم الغجر، وقتلهم الضجر، وهم أحياء!، تذكرت كيف يصعدون الى سفن الحزن والهم.. صباحهم عذاب، ومساؤهم بهيم، يموت من يموت من أطفالهم في صمت، بلا صوت، ويخشون مجرد البكاء!.

ويا إنسان هذا العالم المريض والمصاب الآن بشبه الكساح!، في أمريكا وروسيا والصين والهند وأوربا وفي كل مكان: اتعظ واستحيِ، وأنت تتشاجر وتدخل في معركة توزيع اللقاح! الروهينغيا لا يريدون اللقاح ضد كورونا، فهذا ترف! الروهينغيا يريدون اللقاح ضد غدر الإنسان لأخيه الإنسان، أيها العالم الجبان! أنت مارست كل أشكال وألوان الاضطهاد والذل مع أخيك الإنسان، فلماذا تستكثر على الفيروس اللعين أن يمارس معك نفس الامتهان؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store