Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

تقنين تجسس الأبناء على الآباء والأمهات!

A A
أعادني مشروع القرار البريطاني الخاص بتكليف الأبناء دون سن الثامنة عشرة بالتجسس على آبائهم وأمهاتهم، إلى سنوات خلت، عشتها في لندن، وتابعت فيها مشكلات بعض الأبناء العرب من أمهات انجليزيات، وقضايا اختطاف الأم أو الأب لابنه أو ابنته خوفًا عليهما من الاندماج في هوية مختلفة!

أفهم كعربي مسلم أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن النص القرآني يؤكد ألا يقول الابن لوالديه «أف» ولا ينهرهما، وأنه في حال جَاهَدَاه عَلَىٰ أَن يشْرِكَ بِه جل شأنه، فَلَا يطِعْهُمَا وَلكن ليصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.

وقد أفهم كإنسان، أن في بعض المواقف قد تلجأ جهات التحقيق إلى الاستعانة بالابن ليشهد أو يدلي بشهادته في تورط والده أو والدته في قضية إرهاب أو قتل متعمد أو نحو ذلك، لكن أن تكون مهمة الابن أو الابنة هي التجسس على السيد الوالد والسيدة الوالدة فهذا يعني بشكل أو بآخر فتح باب التفكك الأسري على مصراعيه!

ووفقًا لمشروع القرار، فإن الشرطة والأجهزة الأمنية تتصدر الجهات التي سيُسمح لها باستخدام الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا كمصادر استخبارات بشرية سرية (سي إتش آي إس)! صحيح أن القرار أو القانون الجديد ينص على أن هذا الاستخدام سيكون في ظل «ظروف استثنائية» لكن الشيء المؤكد أن استخدامه على نطاق واسع سيكون في حال كان الأب بريطانيًا والأم أجنبية، أو كان الأب غير بريطاني والأم بريطانية!

من جانبه، أو «كثر الله خيره» أكد وزير الأمن البريطاني جيمس بروكنشاير عدم منح الجواسيس السريين البالغين «ترخيصًا بالقتل»!

تذكرت تاريخ الدراما المصرية مع عقوق الوالدين وكيف كانت الدموع تنهمر في كل حلقة من حلقات مسلسل «أبنائي الأعزاء.. شُكرًا»، أو ما اشتهر به المسلسل باسم «بابا عبده»، كما تذكرت أفلامًا تناولت عقوق الوالدين، مثل «الرجل الذي فقد ظله» و»دماء على الأسفلت» و»عودة الابن الضال»، و»الأراجوز»، وتذكرت «عم صابر» في فيلم «وبالوالدين إحسانًا».. كما تذكرت كذلك فيلم «أطفال جواسيس» الذي تم إنتاجه عام 2001، حيث يقوم انغريد وجريغوريو كورتيز بدور جاسوسين يتعرضان للخطف، ويكتشف أطفالهما جوني وكارمن، حقيقة عمل والديهما ويسعيان لإنقاذهما، لكن الأمر هنا يختلف فالأطفال سيصبحون جواسيس على آبائهم وأمهاتهم، ليس في فيلم سينمائي وإنما في الواقع، والواقع أنه رغم أن كل بلد أدرى بمصالحه، إنه قانون سخيف، ووضيع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store