Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي أبو القرون الزهراني

حرية اللسان والقلم.. رقعة شطرنج..!!

A A
.. على مدار أربعين سنة تقريباً في العمل الصحفي أؤكد بأن حرية القلم في المملكة مرت بالعديد من الأطوار والتحولات نحو توسيع أفق الكتابة وارتفاع سقف الحرية بشكل تصاعدي.

هذا الكلام أقوله من واقع تجربة شخصية، ويعرف هذه التحولات الكثير من الزملاء الذين عايشوا هذه الفترات.

فالنقد كان يمر من عنق زجاجة، والقضايا الأمنية لا يُسمح لك بالاقتراب منها...!!

*****

.. اليوم تنتقد الأداء وتنقل الأحداث وتناقش القضايا، المهم مصداقية ووثوق ما تكتب عنه، والبعد عن الشخصنة...!!

*****

.. ولعل هذه التحولات مرتبطة بتنامي الوعي والاعتماد على الإعلام كشريك رقابي وتعزيز دوره التنموي.

وهذا في صلب السياسة الإعلامية وتدعمه الدولة بما يحقق الصالح العام.

وكانت مشكلتنا مع أولئك المسؤولين المتنفذين الذين يرون في «الكرسي» مُلكاً خاصاً بهم ولا يفرقون بين ذواتهم ومسؤولياتهم...!!

*****

.. لكن ماهي الحرية التي نريد؟

هي (حرية العقل) بالدرجة الأولى.

وهي الحرية التي تحترم الكلمة والذات وسلامة المقصد بعيدا عن الانفلات والتجريح.

فالقلم الراشد واللسان الناضج هما من يؤمنان بأن التطاول ليس شجاعة والتأدب ليس جبناً.

وكان يقول (فرانك كلارك): «النقد مثل المطر ينبغي أن يكون

يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الإنسان دون أن يدمر جذوره».

وأذكر لأستاذي حامد مطاوع -رحمه الله- رئيس تحرير جريدة الندوة سابقاً أنني كنت أدخل عليه بمقالي، فيغير فيه بعض الكلمات وعندما كنت أناقشه كشابٍ مندفعٍ وأن العبارات لابد أن تكون قوية، على طريقة (أعطه على رأسه) كان يرد بهدوء:

«اللغة العربية واسعة والمفردات المترادفات كثيرة، فتخيَّر منها ما لا يجعل المسؤول يحدث ردة فعل عكسية»...!!

*****

.. من أدبيات الكتابة الصحفية والأحاديث الإعلامية هي أن تكون هادئة ومتزنة ومحترمة حتى تحقق الهدف وتحظى بالقبول.

أما النقد الحاد والتجريح والتشهير والمقارعة بصهيل الكلمات

فربما كان ضرره أكثر من نفعه...!!

*****

.. كم من كاتب زلَّ به قلمه، وكم من متشدق أودى به لسانه.

لم يحقق المراد ولم ينفعه تصفيق المطبلين.

وقد قال لي مثقف وكاتب عربي كبيرالتقيته في مؤتمر أنه يكتب المقال ويمزقه عدة مرات قبل أن يستقر على نسخة النهاية.

قلت: وأنت في هذه المكانة والمرحلة؟.

قال: الزلل ليس له عمر...!!.

*****

.. في (السوشال ميديا) الآن أصبح الوضع أكثر انفتاحاً، ووجدها القافزون من فوق الحواجز فرصة لأن يَسلُّوا ألسنةً حداداً، وسهاماً شداداً على جهات ومسؤولين بشكل لا يليق أبداً، ويزيدهم تهوراً طابور البسطاء من جماعة «صح لسانك».

وتمر عليكم الكثير من المقاطع ذات الانفلات الحاد التي قد تسيء أكثر مما تصلح...!

*****

.. ولا أدري إن كان يعلم أولئك الهذرون أنهم يتحدثون في فضاء مفتوح وقد يوظف ضد وطنهم بشكل أو بآخر.

بل هل يدري أولئك أن هناك جيوشاً من خلف الستار تصطنع الأحداث والمواقف لتشكيل رأي عام ضد الوطن...؟!!

*****

.. لا أحد يمنعك من النقد طالما أنت تريد الصالح العام ولكن كيف؟ وأين؟.

هذه رقعة الشطرنج التي على قلمك ولسانك أن يَعِيَا كيفية التحرُّك داخلها...!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store