يبدو أن صورة الخلية البشرية التي طرحتها جامعة هارفارد قبل شهرين وأهدانيها الصديق الشيخ طلال زاهد، قد فتحت أمامي نافذة واسعة للإطلالة منها على جسم الإنسان، ومن الواضح في زمن الكورونا، أنه بات على المرء أن يعرف قصة الجسد كله وآلية عمله، وأسباب توقف قلبه، وحكاية الأكسجين معه، باعتباره الآن الهاجس الأكبر للمصابين بفيروس كوفيد 19 شفاهم الله جميعاً!
يقول الدكتور أحمد زكي في موسوعته المنشورة على حلقات في مجلة العربي الكويتية في سبعينيات القرن الماضي: إن الشرايين في دورانها بالجسم كان لها وظائف أدّتها، والأوردة وهي عائدة لها كان لها وظائف أدّتها.. ومن هذه الوظائف جمع الأغذية التي امتصها الدم في جدران الأمعاء الدقيقة خاصة، فالدم غير القاني الراجع إلى القلب الأيمن فيه الغذاء كثير، ولكن هذا الغذاء ليس كل شيء، إنه في حاجة إلى غذاء آخر خطير، ذلك هو الأكسجين.
ومن هنا، وجب على الدم قبل أن ينتقل من القلب الأيمن إلى الأيسر ليدور في الجسم مرة ثانية، من أن يتزود بالأكسجين، ومن هنا كذلك، وجب أن تكون للدم دورة أخرى إلى الرئتين، يتزود فيها بالأكسجين.. بالتنفس، ومن الرئتين يعود الدم إلى القلب الأيسر، إلى أذينه، فبطينه، فيضغطه القلب إلى الأورطة، إلى سائر الجسم في الدورة الكبرى.
ويمضي قائلاً: في المدن تتحرك المواصلات، من عربات وسيارات، بطاقة من بنزين، وأخرى من حيوانات. وفي الجسم الإنساني وأشباهه تأتي الطاقة المحركة للدم كلها من القلب.. فينقبض فيرسل بالدم إلى أقصى زقاق! وينقبض البطين والأذين معاً، فيذهب الدم الأحمر في الدورة الكبرى إلى الجسم، بينما يرسل الدم الأٌقل احمراراً في الدورة الصغرى إلى الرئتين.. ولكن من أين يأتي القلب بطاقته؟!.
يقول الدكتور زكي: من غذاء جاء به شريانان يخرجان من الشريان الأعظم الأورطة، الوتين، عند خروجه من القلب الأيسر، وهما يعرفان بالشريانين التاجيين، لأن لهما شكل التاج، وهما متخصصان في تغذية عضلات القلب، يتفرعان فيها تفرعا، فإذا ضاق أحد فروعهما بسبب مرض ما، تعذر على القلب أن يحظى بالكافي من غذائه، فتهبط بذلك قدرة القلب على العمل، ويصاب الإنسان بما يعرف بالذبحة الصدرية، فإذا بلغ القلب من العجز غاية، توقف عن العمل، وتوقفت الحياة، كالسيارة يتوقف محركها، فتعجز وتقف، ومحرك السيارة يجوز إصلاحه بعد وقوفه، أما القلب الذي عبر ساحة الحياة إلى ساحة الموت فليس له رجوع!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
