Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

هذه مصر التي يعرفها العرب والأفارقة!

A A
نعم هذه مصر التي يعرفها العالم والعرب، مصر التي تجمع ولا تفرق، والتي تهدأ وتلملم وترطب.

في الصباح كان الأشقاء الليبيون المختلفون فيما بينهم، يجتمعون في الغردقة، وفي المساء كان الأشقاء الفلسطينيون المنقسمون فيما بينهم يجتمعون سويًا في القاهرة.

هذه مصر التي ينبغي أن يحبها أبناء القدس وغزة، وهي ترفع راية الشموخ والعزة، وأن يصفق لها أبناء بنغازي وطرابلس، وهي على قمة الوحدة والتضامن العربي تجلس!

هذه مصر التي ينبغي أن تكون دومًا مرصعة بأعلام العروبة وألوان الشفق.. أن تقرأ وتسبق وتستبق، وأن تكون دائمًا ملء السمع والحدق.. أن تنطلق، ولا تتراجع عن دورها التاريخي وأن تملأ الساحة العربية حضورًا حقيقيًا وفاعلاً ورائدًا، وأن تحيل الدم المسفوك إلى وحدة ورحم وعبق!

الآن وبعد إعلان كافة الحركات الفلسطينية التوصل في مصر إلى اتفاق على «آليات» إجراء الانتخابات االمرتقبة، يطيب لي أن تهدأ الأصوات الناعقة.. أن يهدأ أباطرة التمزيق، وسماسرة التفريق، والذين يريدون لمصر أن تكون كرة «بنج بونج» أو قطعة شطرنج، يقول أحدهم إنها معي، على حساب شقيقي، ويقول الآخر إنها في يدي، وتقول هي على لسان شاعر النيل: إنني حرة كسرت قيودي، رغم رقبى العدا وقطعت قدي!

سيقول المرجفون، إنها أيام أو أسابيع ويختلف الفلسطينيون من جديد، وينقسم الليبيون من جديد، قل لهم، وهذه مصر دائمًا مفتوحة الأبواب على طول الزمن تعالج وتداوي العروبة من كل داء وسقم.

بمناسبة الأبواب المفتوحة، وبالتزامن مع هذه النسمات العربية، فتحت مصر معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة لأجل غير مسمى، للمرة الأولى منذ سنوات، حيث عادت الحافلات القادمة من غزة، وحيث ستعود الدراسة في الجامعة، وحيث سيدخل المرضى الفلسطينيون مستشفيات القاهرة، ولعل الخطوة تكون قربى لله حتى ينجي مصر من كورونا وكل الأمراض والفيروسات المستوطنة والعابرة.

على أن ما يليق بمصر، ليس فقط جمع الفلسطينيين، والليبيين، قياسًا بالحدود المشتركة، وإنما جمع السوريين بحكم الوحدة القديمة، وجمع العراقيين بحكم التاريخ، وجمع اللبنانيين بحكم الحاضر، وجمع كل العرب في بوتقة الحب بحكم الواجب.

مصر الغاضبة من أجل الأرض والعرض.. غضبة تبعث فينا مجدنا، وإذا ما هتف الهول بنا فليقل كل فتى، كما قال الشاعر كامل الشناوي.. إني هنا!

وعلى الصعيد الإفريقي، لا يتصور إفريقي أصيل أن يغيب دور مصر في الصومال، وفي عموم القرن الإفريقي، بل وفي إفريقيا كلها.. شرقًا وغربًا ووسطًا وشمالاً وجنوبًا.. هكذا كانت مصر وهكذا ينبغي أن تكون وينبغي أن تقول، خاصة في مشكلة النيل: أنا لا أكره الناس، ولا أسطو على أحد، ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي.. حذار، حذار، من جوعي.. ومن غضبي!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store