Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

«حمّام إسلامي» يصدم الباحثين المراهقين!

إضاءة

A A
تمنيت لو يقرأ الباحثون المراهقون الجدد التقرير الجميل الذي نشرته الشرق الأوسط» نقلاً عن «الجارديان» البريطانية قبل أسبوع عن ظهور حمام إسلامي يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وهو «مليء بزخارف جدارية هندسية بالغة الروعة مع منارات للإضاءة تتخذ شكل نجوم ثمانية الرؤوس، على صورة غير مكتملة قليلاً، من الجدران والسقوف المقببة الخاصة في قلب مدينة إشبيلية في جنوب إسبانيا».

تمنيت لو قرأ هؤلاء الذين اكتشفوا فجأة أن الفتح الاسلامي كان إرهاباً، وأن الفاتحين كانوا داعشيين، وأن الحضارة الاسلامية في تلك العصور الزاهرة كانت محض همجية وسفك لدماء الأبرياء!.

ويقول التقرير إن أصحاب حانة «سيرفيرسيريا غيرالدا»، الواقعة بالقرب من كاتدرائية إشبيلية منذ عام 1923، كانوا قد قرروا في الصيف الماضي الاستفادة من الأعمال المحلية في إصلاح الطرق وانتشار وباء كورونا المستجد بالبدء في أعمال تجديد الحانة تلك التي تأخرت لفترة طويلة من الزمن، وأثناء ذلك عثروا على الحمام بزخارفه الفنية المذهلة!.

ويؤكد الشهود من الباحثين الأسبان المنصفين أن المظهر القديم للمبنى كله يعود الى الطراز النهضوي الإسلامي القديم، حيث بنى المهندس المعماري «فينسنت ترافير» الحانة والفندق المجاور على أطلال الحمام القديم في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

أما عالم الآثار الفارو خيمينيز فيقول إنه تصور أن حكاية الحمام الإسلامي مجرد أقاويل خيالية من الماضي العتيق، وفي أحد أيام شهر يوليو الماضي، كان فريق العمل يواصل العمل عبر الغلاف الجصي الذي يغطي سقف الحانة عندما اكتشفوا كوة صغيرة تتخذ شكل النجمة ثمانية الرؤوس. و «بمجرد أن رأينا أحد منافذ الإنارة تأكدنا تماماً من هوية المكان، فلا يمكن أن يكون أي شيء آخر سوى الحمام. وكان لزاماً علينا متابعة نمط منافذ الإضاءة في السقف» .

وسرعان ما أسفر الاكتشاف عن قطعة بديعة من التصاميم القديمة التي يرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي إبان عصر حكم الخلافة الموحدية في الأندلس التي بسطت سيطرتها قديماً على ما يُعرف اليوم في إسبانيا والبرتغال، فضلاً عن مساحات شاسعة من الشمال الأفريقي.

«كل شيء هنا جميل ومزخرف ومزين بكل تأكيد، والخلفية عبارة عن بلاط من الجير الأبيض المنقوش بخطوط، ودوائر، ومربعات هندسية بديعة. وأعلى ذلك، هناك لوحات من لون أحمر مُصفر لنجوم ثمانية الأذرع، وزهور متعددة الوريقات مع ثماني بتلات لكل منها. ويتبادل هذان التصميمان ويتشابكان في تأقلم جميل مع باقي الأشكال الهندسية المتنوعة لمنافذ الإنارة في الحمام».

هذا هو وصف الاسبان الآن، للحضارة والفن الإسلامي الرفيع، فماذا عن أوصاف المراهقين من الباحثين الذين ينامون ويستيقظون على أصوات الصراخ الاسلامي، والذين تأتيهم الهلاوس من كثرة الظلم والعسف الاسلامي؟! وماذا عن الشعراء والأدباء والصحفيين الجدد الذين بات يحلو لهم النهش في كل ما هو إسلامي قديماً كان أم حديثاً، صحابياً كان أم فاتحا؟!.

نتحدث هنا عن حمام واحد، وليس عن قصر من القصور الرائعة، أو نافورة من النوافير المذهلة، أو أحياء جميلة من الأبنية الجميلة، نتحدث عن عمارة إسلامية، وأدب أندلسي رفيع، وفن اسلامي راقٍ، ويقيناً لن يروق ذلك للمراهقين الذين يطالبون الآن بالاعتذار للدول التي بنيناها وللشعوب التي أخذناها الى عالم النور!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store