Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

لمياء شافعي.. التاريخ المكي والشموخ!

A A
مسيرة مؤرخ، لقاء كل أربعاء، على منصة زووم، تعقده الجمعية التاريخية السعودية، تحت مظلة جامعة الملك سعود، لاستعراض مسيرة المؤرخين والمؤرخات السعوديات. الأربعاء الماضي، استعرض اللقاء مسيرة الأستاذة الدكتورة لمياء شافعي، وأعاد ذكريات كثيرة ظلت متشبثة بالذاكرة، كشذى الطيب المعتَّق، عندما يعانق المكان، لا يقبل المحو ولا الإزالة، لأن الطيب نقي وأصيل، هكذا هي ذكريات لقاءاتي القليلة والمتباعدة، مع لمياء -مع حفظ الألقاب- لكنها عميقة على المستوى العلمي والفكري، الأخلاقي والإنساني.

أدار اللقاء الأستاذ الدكتور فهد المالكي المشرف العام على فرع الجمعية التاريخية السعودية فرع مكة المكرمة، وتنسيق الرائعة الدكتورة هالة المطيري، حضر اللقاء نخبة من الأساتذة والأستاذات من أساتذة ضيفة اللقاء، وزملائها وزميلاتها من جامعة أم القرى العريقة، والذين شهدوا لها بالعديد من الصفات التي تنبئُك عن لمياء من أول لقاء.

فالجد الدراسي، والالتزام العلمي، الكرم والوفاء، الاحتواء الذي لم تستثنِ منه أحداً، خلال سرد مسيرتها، ولم تخرج والديها، إخوتها، أبناءها، زوج ابنتها، زوج شقيقتها، من عباءة احتوائها في أمسية سرد مسيرتها، ولم تنشغل بتلك النخبة المتميزة من الحضور، بل ضمت الجميع في ثنايا الشكر والامتنان، الحب والوفاء.

لمياء شافعي، العاشقة لمكة المكرمة، الباحثة في تاريخها الزاخر بالعلم والعلماء، والآثار وثيقة الصلة ببيت الله الحرام، كرمت من اتحاد المؤرخين العرب كأحد شوامخ التاريخ عام 2018م، كذلك حصلت على جائزة التفوق العلمي من الجمعية التاريخية السعودية فرع مكة المكرمة خلال ندوة الملتقى العلمي التاسع عشر «تاريخ وحضارة مكة المكرمة عبر العصور»، والجائزة في فرع أفضل ثلاثة أبحاث كتبت عن تاريخ مكة المكرمة، فازت بالمركز الثاني في بحثها: «مكانة المرأة العلمية في الساحة المكية -النساء الطبريات مثالاً- من القرن السابع إلى القرن الثاني عشر الهجري.

عندما عرفت تخصصها في التاريخ المكي، حرصت على التعرف على شيء من التاريخ الذي لا أعرفه، رغم أني من ثرى مكة وعشت في حضنها، دعوت الحبيبة لمياء -مع حفظ الألقاب- لتقديم شيء من علمها، في منتدى الصالون الثقافي في موسمه الثاني 2013م، وعندما عرَضَتْ عليّ العديد من الموضوعات، اخترت « قبة زمزم»، ربما أثارني العنوان أو أنه حرَّض فضولي، حول ماذا يوجد في تاريخ «قبة زمزم»، يمكن أن يكون موضوعاً تاريخياً يمكن طرحه في لقاء ثقافي ضمن فعاليات نادي جدة الأدبي؟

ربما استفز العنوان رغبتي في اكتشاف، لمياء شافعي، التي تعرفت عليها إنسانياً وأخلاقياً، صاحبة الخُلق والخَلق الجميل. فاجأني الحضور الكبير لأول لقاء، كما فاجأني على منصة زووم، الأربعاء الماضي، أدهشني حب زميلاتها من أساتذة التاريخ، وحب طالباتها والتفاف أسرتها حولها، كما أعجبني اهتمامها بالجميع دون تفرقة أو تمييز، لكن الأكثر دهشة واعجاباً طريقتها في سرد كل تلك المعلومات التاريخية عن قبة زمزم ودورها الإعلامي والسياسي في الحقبة التاريخية التي شملتها الدراسة، استحوذت لمياء على ألبابِ الجميع، وأصبح اسمها يطرح في اجتماعاتنا كل موسم ثقافي ونحن نحضر جدول الموسم، لكنها أحياناً تعتذر بلباقة وترشح زميلاتها، لكن إصرارنا كان أكبر من رغبتها في إفساح المجال لأخريات، بالتأكيد نرغب في إفساح المجال للجميع، لكن للتاريخ المكي جاذبية، وللمياء حضور مبهر وأنيق، يحرضنا على دعوتها مرة بعد مرة.

كنت أتصور أني أعرف لمياء شافعي، لكن وهي تسرد مسيرتها تعرفت على جوانب أخرى، لم أكن أعرفها، جهدها خلال دراستها، صبرها أحد عشر عاماً حتى يأتي تعيينها في الجامعة التي يعمل فيها والدها مراقباً مالياً، لم يستخدم علاقاته، لتسهيل تعيين ابنته، كما يفعل الكثيرون للأسف، وتعرفت على جانب الوفاء العظيم لاستاذها المشرف على رسالتها رحمة الله عليه، حتى تكفلها بعلاجه وسفرها لاستقبال جثمانه وتلقي العزاء فيه، تحدث الجميع عن قصص وفاء لمياء إلا لمياء لم تذكر شيئاً من ذلك بل كان يبدو عليها الخجل وهم يذكرون مناقبها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store