Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

الاعتذار الفرنسي لأحفاد الجزائريين نهديه لأطفال فلسطين!

اضاءة

A A
هذا الخبر المدهش، نهديه للطفل الفلسطيني المقاوم في الأرض المحتلة، الباحث لنفسه عن مكان في وطنه، والباحث لوطنه عن مستقبل مشرق، ومكان ومكانة على ظهر الأرض! هذا الخبر المثير! نهديه لكل أم فلسطينية فقدت أبناءها منذ عام 1948 وحتى اليوم، ولكل شهيد فلسطيني وعربي دافع عن القدس وحاول فك أسر المسجد الأقصى.. لكل شيخ أسير!

يقول الخبر الذي تناولته وكالات الأنباء العالمية أمس: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أقر بأن المحامي والزعيم القومي الجزائري علي بومنجل لم ينتحر كما قيل، وإنما تعرض للتعذيب والتنكيل، حتى قتل على أيدي الجيش الفرنسي خلال الثورة التحريرية الجزائرية في 1957!

على أن سيرة بومنجل على أهميتها ونصاعتها وطهارتها، لم تشغلني كثيرًا بالقدر الذي شغلني أو شغلتني به وفيه، ابنة أخيه الدكتورة فضيلة بومنجل شيتور، أستاذة الطب والناشطة في مجال حقوق الإنسان، والتي مضت تندد بمحاولة باريس التغطية على جريمة قتل عمّها، واصفة ما جرى بـ»كذب الدولة (الفرنسية) الهدّام».

ورغم الغصة التي مازالت في الحلق من تصريحات ماكرون عن الإسلام والمسلمين، وصمته عن الإساءة للرسول الكريم، فقد فرض مشهد ماكرون وهو يعلن الحقيقة كاملة «باسم فرنسا» أمام أحفاد بومنجل وهو ما كانت جدتهم (أرملة الراحل) مليكة بومنجل تود أن تسمعه: «علي بومنجل لم ينتحر، لقد تعرّض للتعذيب ثم قُتل».

وزاد ماكرون في تجسيد مشهد الاعتراف معلنًا استعداده كذلك، لمواصلة العمل الذي بدأ منذ سنوات عديدة لجمع الشهادات وتشجيع عمل المؤرّخين من خلال فتح الأرشيف، سعيًا لإعطاء عائلات جميع المفقودين على ضفّتي البحر الأبيض المتوسّط الوسائل لمعرفة الحقيقة، ومؤكّداً أنه «لا يمكن التسامح أو التغطية على أي جريمة أو فظاعة ارتكبها أيًا كان خلال الحرب الجزائرية».

لقد جاء الاعتراف في إطار مبادرات أوصى بها المؤرّخ بنجامان ستورا في تقريره حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر التي وضعت أوزارها في 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات الملايين من الفرنسيين والجزائريين.

هكذا فتحت فرنسا أرشيفها فوجدت جماجم المجاهدين الجزائريين، ومن ثم أعادتها بعد نحو قرنين من الزمان، ثم فتحته مرة أخرى لتكشف ظلم أبومنجل ورفاقه المدافعين عن قضيتهم، فماذا لو فتحت إسرائيل ذاكرتها وأرشيفها؟!

الحق أن أرشيف إسرائيل مفتوح ومفضوح، منذ عام 1948 وحتى اليوم! ولأن ذلك، كذلك فإن الأجيال الفلسطينية الطالعة، لن تتنازل عن حقها في أرضها وفي وطنها وفي مستقبلها، ومن ثم أهديت لهم هذا الخبر وأنا أردد قصيدة عمهم حاتم الصكر «يا صغار الوطن الواقف كالسيف.. طويلاً.. ورهيفًا.. أسمعونا لغة أحرى.. خذونا.. قمرًا يمشي على الأرض.. وكفًا ورغيفًا.. ارسموا فوق خراب القهر فجرًا.. شارة النصر، وكونوا.. برقنا الآتي.. رسولاً للمطر.. فالرهان اليوم في قبضة طفل.. صاح: لا.. وهو يعلي مجدنا.. مجد الحجر».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store