Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

يادوب عرفنا أسماء «بعضينا».. لحقت تعدي سنين علينا؟!

إضاءة

A A
تذكرت رائعة صلاح جاهين «باي باي يا مدرستنا.. باي باي يا أغلى أيام حياتنا» وأنا أتابع تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن إغلاق مدارس تستوعب أكثر من 168 مليون طفل بسبب عمليات الإغلاق الصحي نتيجة تفشي وباء «كورونا»!

تذكرت الشعور بلوعة فراق نوافذ وأبواب الفصول، رغم كل ما كان يحدث فيها أحياناً من عقاب!

معقول يا ولاد! بنقول باي باي؟ وخلاص المدرسة فايتينها! شوفوا الأيام بتمر إزاي؟.. هكذا كانت ماجدة الرومي تشدو بها في نهاية اليوم الأخير للامتحانات، مودعة وراثيةً حالها وحال صديقاتها وأصدقائها مع انتهاء مرحلة وبداية أخرى مرددة: مش لسة يا دوبك داخلينها.. معقول يا ولاد.. بنقول باي باي؟ يا دوب عرفنا أسماء بعضينا! لحقت تعدي سنين علينا! وخلاص بنقول.. باي باي على طول..يا مدرستنا يا حبيبتنا باي باي باي!

والحاصل أننا كنا ننتظر يوم الجمعة من كل أسبوع بفارغ الصبر حتى نلتقط أنفاسنا، تاركين الفصول، ومتجهين بنفوسنا المشرئبة الى الملاعب والحدائق والحقول، ومع ذلك، اذا بدأت الاجازة الصيفية تُقنا الى مدارسنا، وباتت توحشنا، حتى أننا كنا ومازلنا نشعر بحنين كلما مررنا بها!.

الآن بات ترك المدرسة اجبارياً، بفعل كورونا، وما فعلته وتفعله بنا، لكنها الضرورة التي تحتم اتخاذ الخطوة واستبدالها بالتعليم عن بعد!، ورغم تحقيق الأخير لنجاحات غير متوقعة، يبقى العامل النفسي في غاية الأهمية، وهو ما وصفته المنظمة بـ «عواقب وخيمة»، مستشهدة ببيانات اليونيسكو، أن أكثر من 888 مليون طفل في جميع أنحاء العالم ما زالوا يواجهون اضطرابات نفسية!

كنت مستغرقاً في قراءة التقرير بقلق شديد، حين تملكني شعور بالفرح والدهشة من هذا الأكاديمي والفنان الرائع الدكتور سامي البلشي الذي أنشأ أول مركز متخصص لتعليم الرسم والخط العربى والموسيقى والعلاج بالفن بمدينة بركة السبع بالمنوفية.

لقد بدأ الفنان الكبير في تعليم الأطفال كيف يزينون جدران البيوت الريفية بإبداعاتهم الجميلة.. هنا جلست الطفلة سجى أحمد شرف الدين «4 سنوات» وقد انتهت لتوها من محاكاته أو تقليد جداريته على باب مندرة الشاعر عباس منصور في قرية سندبسط بمركز زفتى غربية.

وهنا جلست بسملة وجودى ومحمد واسماعيل بعد أن نفذوا جدارية أخرى على جدران مندرة ابراهيم الرفاعي في قرية سحيم بالغربية.

وفي المساء، كانت مذيعة طفلة أو طفلة مذيعة اسمها «شذا أحمد» من الرملة تشرح من داخل مكتبة الطفل والشباب بسمادون التابع لفرع وزارة الثقافة بالمنوفية بمصر، كيفية رسم أرنب جميل، ممسكة بريشتها تارة وبقلمها أخرى، موصية بعدم «تتقيل» الخطوط وجعلها حادة، حتى تستطيعوا محوهها بسهولة، ان أردتم تعديل ملامحها»! وبكده نبدأ التلوين بطريقة «زغنطوطة» نستخدم خلالها الموس أو البراية»! ورغم بساطة المشهد كله، فقد جاء موحياً ومعبراً عن إمكانية الاستفادة من أية أوقات فراغ محتملة في تنمية مواهب وقدرات الأطفال!

في تلك الأثناء، كنت أتابع على الشاشة، جوانب أو مشاهد من مهرجان الخوخ في اليابان «هينا متسوري»والذي بدأ الاحتفال به أمس، حيث تبدأ أشجار الخوخ عادة بالإزهار في ذلك الوقت.! وتتلخص فكرة المهرجان في تسابق كل أفراد الأسرة على صنع عرائس جميلة للفتيات الصغيرات والمقبلات على الزواج، من الورق أو القش، وفي النهاية يرسلونها على متن قارب أسفل النهر، حيث كان أجدادهم يعتقدون أنها تأخذ معها الخطايا والآثام!

لقد كان من اللافت هذا العام، أن الأسر اليابانية استغلت المناسبة، لتنمية قدرات ومواهب الصغار في صنع دمى جميلة من جهة، ومواجهة ظروف كورونا من جهة أخرى!

كنت أنهي المقال وصوت ماجدة الرومي يرن في أذني واصفة نوافذ وملعب المدرسة مرددة: فُتناكي بعافية يا شبابيك..عقلنا كان يسرح براها.. وتجينا م المجهول مزازيك..تنادينا وآدينا طاوعناها! وانتا يا دي الملعب..وانتي يا دي التوتة..كانت حدوتة.. وتوتة توتة.. وخلاص بنقول.. باي باي على طول..يا مدرستنا يا حبيبتنا.. باي باي باي باي!.

اللهم رُد أطفالنا سريعا الى مدارسهم، يدرسون ويمارسون هواياتهم الجميلة ويملأون شوارعنا وحياتنا صخبا جميلاً وأملاً أجمل وأجمل! فإن غادروها، فللجامعة، باذن الله..

شكراً دكتور سامي، شكرا «هينا متسوري» شكرا «شذا أحمد».. نوبات نشوة وجرعات أمل!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store