Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

«أم الفحم».. الأمل وعطر اللوز في الحواكير الرطيبة!

A A
هل أتاك حديث انتفاضة «أم الفحم» الفلسطينية في وجه السرقات الإسرائيلية الجمعة الماضية؟!، هل تابعت تدفق عشرات الآلاف من أهالي المدينة، وهم ينهمرون كالمطر، في شوارع المدينة رافعين الأعلام الفلسطينية؟!.

قل لي أيها الفتى العربي هل تعرف «أم الفحم» بل «أم النور»؟!، تلك المدينة العربية التي تقع شمال فلسطين، وتحديداً في في منطقة المثلث، ضمن منطقة حيفا المحتلة التي تبعد عن مدينة القدس المحتلة بنحو 120 كم شمالاً؟!. هل تعلم فصلاً واحداً من فصول نضالها منذ تم تسليمها للمحتلين الإسرائيليين عام 1949 بموجب اتفاقية الهدنة، أو ما يُعرف «باتفاقية رودوس»؟!، وهل تعلم أن سكانها الأصلاء الأحرار رفضوا الخروج منذ دخلتها القوات الإسرائيلية في 20 مايو عام 1949؟!.

يبدو أنه بات علينا أن نغمض عيوننا عن فلسطين والفلسطينيين الأصلاء الأحرار، بحيث لا نرى من الفلسطينيين سوى هؤلاء الذين يضرون أكثر مما يفيدون!، فإن كان ولابد فلن نرى سوى المسجين على الأرض يغرقون في دمائهم بدعوى محاولتهم جرح الجنود الصهاينة!.

لهذا كله وأكثر منه، جاءت انتفاضة أم الفحم الجمعة الماضية لتجعلني أصرخ: مهلاً يا جسد الفلسطيني يا هذي المنارة! مهلا كي نستوعب منك العبارة! كيف خرجت هكذا فتياً وحراً وقوياً ورافعاً رايات الأمل والبشارة؟!.

لقد خرج الشباب والأطفال والشيوخ بعد أن سئموا من اللعبة الصهيونية الجديدة، وهي تشجيع كل أعمال القتل والعنف والسرقة في أنحاء المدينة، بحيث يضطر الجميع للمغادرة، وفي العام الماضي وحده تجاوز عدد ضحايا العنف 130 شخصاً!

هكذا انفجر الشارع في أم الفحم، مردداً شعارات التمسك بالأرض وبالأمل في النصر والحرية!، انفجر رافعاً رايات العزة والكرامة العربية!.

كنت أتابع هتافات المتظاهرين، وأنا أردد رائعة ابراهيم نصر الله؛ يا شارعاً يموج بالشعوب لا الدول!، يا هادئاً يا عاصفاً كزهرة برية.. كبرتقالة الأمل! يا دمنا، يا صوتنا، يا ريحنا، يا جوعنا للشمس والأغنية!، ها قد عجنّا الأفق بالحرية! فاصدح بنا.. فاصدح بنا ولننشغل في «الميجنا».. هذا التراب ثوبنا وجسمنا وروحنا.. وكل زهرة هنا شهيدنا.. وكل طفل باسق قصيدنا.. وكل برتقالة مشمسة عيوننا.. وهذه بلادنا.. هذه بلادنا.. بلادنا!.

المؤلم أن مساحة أراضي «أم الفحم» كانت قبل 1948 تبلغ 150 ألف دونم وتقلصت الآن الى 28 ألف دونم، وهي تشمل القرى المحيطة بها: زلفة، الطيبة، سالم، مصمص، البياضة، مشيرفة، البيار، اللجون، وكل أراضي الروحة وحتى حدودها مع العفولة! لكن المفرح أن عدد سكانها يقترب من 100 ألف نسمة!.

لقد طالت جباه شباب أم الفحم في انتفاضة الجمعة، سلسلة جبالها الممتدة والمتلاحمة مع سلسلة جبال نابلس، حتى مرج بن عامر، وهناك من الجنوب حتى جبال القدس، وأشهرها جبل إسكندر، الذي يصل ارتفاعه الى 521 م فوق سطح البحر!

كنت أنهي المقال وأنا في غابة من الشجن، قرأت فيها رسالة شاعر أم الفحم عامر حسين الى أمه الحبيبة:

ذكرى تحدّثني عن الدّار الملوّنة الجهاتِ.. ذكرى تحدّث عن أخي «سامي» وعن عبث اللّدّاتِ.. ذكرى العبير المشمشيّ وذكريات السّنبلاتِ.. بالأمس قالت لي: تعال نزور داركم القريبة! أنسيتها؟ أنسيتَ أمّك والأقارب والخطيبة؟ أنسيتَ عطر اللّوز في شفة الحواكير الرّطيبة؟ لم أنسها! لم أنسها! والله يا أمّي الحبيبة.

أواه يا شاعرنا الراحل عامر حسين.. نم قرير العين.. فلن ننساك.. لن ننسى أم الفحم.. لن ننسى فلسطين!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store