Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

لا تجعلوا بلادنا مركز تدريب للوافد

A A
خلال التسعة عقود السابقة كانت بلادنا الحبيبة تعيش مرحلة النمو والتكامل الحضاري التي تميزت بتسارعها المذهل في عملية البناء والنماء، وهذا بالطبع يعود إلى ما وهبنا ربنا إياه من ثروات ثمينة تحت الأرض وفوق الأرض وما قيض لنا من قادة عظماء استثمروا تلك الثروات في البناء القائم على خطط مدروسة حققت الكثير من المنجزات في بضعة عقود، وهذا ماعجزت عن فعله دول كبرى لها جذور تاريخية تعود إلى الآف السنين.

ولعل تلك المرحلة الزمنية المتسارعة قد دفعت ببلادنا إلى الاستعانة بكوادر مؤهلة ومدربة من دول أخرى سبقتنا في مختلف المجالات وهذا أمر محمود وكان له الكثير من النتائج الإيجابية، لكن الأمر غير المحمود هو أن البعض من المؤسسات الحكومية والخاصة قد استعانت بكوادر لا تحمل مؤهلات متخصصة في مجالات عملها إما نتيجة لسوء الاختيار وعدم التدقيق في صحة مؤهلات تلك الكوادر أو للتزوير الميسر في بلدانها الذي طال الكثير من تلك الكوادر القادمة إلى بلادنا وهي غير مؤهلة في المهن المخصصة لها أو لقيام بعض تلك الكوادر بالعمل في غير ما أحضرت له نتيجة لخلل أو نتيجة لفساد إداري جلب الآلاف من تلك الكوادر وتركها سائبة تفعل ما تريد دون رقيب أو حسيب، وكان من نتيجة ذلك أن اكتظ سوقنا بتلك العمالة فوجدنا الطبيب والفني الطبي غير المؤهلين اللذين مارسا مهنتيهما فكان ضحايا أخطائهما بالآلاف، ووجدنا المهندس غير المؤهل الذي دمر المباني والتجهيزات بمختلف صورها، ووجدنا العامل الذي عمل سباكاً وكهربائياً وبنّاء ومليّساً ودهاناً وهم الذين جاءوا لا يفقهون أدنى فنون تلك الأعمال، ووجدنا البعض يعمل في مهن التزوير بشتى صوره والعبث بالممتلكات العامة والخاصة ثم عاد إلى بلاده بعد أن كسب المال والتدريب في مختلف المهن بعد أن ترك الخراب خلفه.

وبما أننا هذه الأيام نخوض غمار خطتنا الطموحة 2030 التي تحمل الكثير من البرامج الإصلاحية لقضايا متقادمة كان لها بالغ الأثر السلبي على تنميتنا برمتها، فكم اتمنى ان يكون لهذه القضية نصيب وافر من اهتماماتنا لتنقية بلادنا الحبيبة من تلك الكوادر المزيفة.. وكم اتمنى محاسبة من يستقدم أمثالهم دون تدقيق لمعايير استقدامهم كل فيما أحضر له ومحاسبة من تركهم سائبين دون رقيب.

ولعل اطلاق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الأسبوع الماضي برنامج «الفحص المهني» بالتعاون مع وزارة الخارجية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، هو واحد من الخطوات الهامة لتنظيم سوق العمل.. حيث جاءت هذه الخطوة بهدف التحقق من امتلاك العامل المهني للمهارات الأساسيّة اللازمة لتأدية المهنة الحرفية التي تم استقدامه للمملكة للعمل بها، وذلك من خلال أداء اختبار عملي ونظري في مجال تخصصه.

ويسعى البرنامج للارتقاء بجودة عمل الأيدي المهنية العاملة في سوق العمل السعودية، ورفع مستوى الخدمات المهنية المقدمة وتعزيز الإنتاجية، وإيقاف تدفق العمالة غير المؤهلة لسوق العمل في المملكة.

والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store