Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

الاقتصاد العالمي بدون النقود الورقية

A A
هل يمكن أن نتخيل العالم بدون النقود الورقية والمعدنية؟ هل من الممكن حتى العمل كمجتمع وكأنظمة اقتصادية بدون النقود الورقية؟ الإجابة «نعم» ولكن مستقبلا وربما في المستقبل القريب.

وبشكل عام وطبقًا للمستجدات الحالية، فإن النقود الورقية محكوم عليها بالتحول الرقمي لا محالة، وبنظرة مستقبلية، فإن السؤال الأهم الآن ما هو الوقت الذي ستزول عنده آخر آثار النقود الورقية؟ وهل من المقدر حقًا أن تختفي تمامًا ويتم التحول بشكل كامل الى العملات الرقمية؟

وتتباين الآراء وردود أفعال الدول بشأن الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لاجتياز هذا المنعطف الأخير بشأن التحول الرقمي للنقود والأسواق العالمية والمقتضيات اللازمة لتحقيق ذلك، حيث نجد قيام مجلس مفوضي العملات في دولة مثل سنغافورة بجهود تهدف إلى استبدال النقود الورقية التي يصدرها بنظام رقمي مكافئ وظيفيًا وأكثر كفاءة.

ورغم التوجه العالمي نحو العملة الرقمية، ورغم توجه البنوك العالمية والبنوك المركزية نحو تعميم العملة الرقمية أو النقود الرقمية كما يسميها بعضهم، ورغم رهان بعض الخبراء الماليين على التحول شبه الكامل عالميًا في عام 2050م، إلا أن هناك شريحة كبيرة في مجتمعات الدول النامية لا تؤمن ولا تعترف بالعملة الإلكترونية وهناك فئة كبيرة من مجتمعات الدول الصناعية لا يعترفون بها، والأسباب عديدة ويأتي في مقدمتها ضعف ثقافة التعاملات المالية الإلكترونية، وسيطرة الفكر التقليدي في التعامل مع العملة النقدية، ومن الأسباب أيضًا تخوف شريحة كبيرة من النواحي الأمنية في التعاملات المالية الإلكترونية والخوف من القرصنة الإلكترونية وغيرها.

وهناك شريحة أخرى لها مخاوفها نحو التصريح بحجم النقد الذي يملكونه في غير البنوك وهي جزء من أسرارهم الخاصة ويضعون أموالهم النقدية في أماكن آمنة في بيوتهم خوفًا من أن يطلع عليها أحد، كما كان يفعل الأثرياء قديمًا في وضعها في أماكن خاصة تحت الأرض وتحت المساكن دون إعلام أبنائهم وتكتشف فيما بعد وتعتبر كنزًا مكتشفًا يتنازع عليه من يجده، وكذلك يفعل المهربون للمخدرات ومرتكبو الفساد المالي لأن أرصدة البنوك أصبحت مكشوفة ويصعب التستر عليها، إلا أنه لا مجال مستقبلًا للتعامل مع العملات الورقية والمعدنية وسوف يكون مصيرها خسارة أصحابها ولن يجدوا من يتعامل معها وتصبح عملة ورقية لا قيمة لها.

وهذا يدفعني اليوم للمطالبة بضرورة نشر ثقافة العملات الرقمية والتعاملات المالية الإلكترونية، متمنيًا على البنك المركزي السعودي التخطيط لإصدار عملة رقمية خاصة معتمدة ومغطاة تستخدم محليًا ودوليًا، وأقترح على جميع أو بعض دول الخليج الاشتراك في إصدار عملة رقمية خليجية، علمًا بأن هناك مشروعًا لعملة رقمية سعودية إماراتية قد يعلن عنه قريبًا بعد توافق البنك المركزي السعودي ومصرف الإمارات العربية المتحدة (المركزي) لإصدار مشروع (عابر)، وقد تكون العملة الرقمية الخليجية أقوى وأضمن من العملات الرقمية المتداولة الآن وعلى رأسها العملة المتأرجحة صعودًا وانخفاضًا، العملة التي اغتنى منها بعضهم وخسر وافتقر بعضهم من حجم الخسارة (عملة البيتكوين).

وهناك مشروع من المركزي الأوروبي لإصدار «اليورو الرقمي» كما هناك مشروع مماثل في السويد، وقد سبقتهم سنغافورة، وفي الولايات المتحدة قررت سبعة بنوك مركزية بقيادة الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) وضع نظام يوضح الإطار العام للخصائص التي يجب أن تسير عليها العملات الرقمية.

وإن جاز لي الاقتراح فإنني أنصح المستثمرين بعدم المضاربة فيها لخطورة موقفها صعودًا وانخفاضًا.

وأجدها فرصة للمطالبة بتدريس مواد عن النقد الإلكتروني والعملات الرقمية في الجامعات ونشر ثقافته في المجتمع ليكون لدى العامة فكرة ومعرفة قبل التعامل معها.

كاتب اقتصادي سعودي

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store