Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ضخ الوعي بإفرازات الصحوة!

إن توجيه مصطلح "عانس"، للنساء اللاتي مضى بهن العمر ولم يكتب الله لهن نصيباً في الزواج، يمثل نوعاً من العنف ضد المرأة، كما أنه تمييز ضد المرأة، لأنه مصطلح تمييزي ظالم، مع أن المجتمعات تضم أعداداً كبيرة من النساء والرجال الذين لم يكتب لهم نصيب الزواج

A A
يتردد بين فترة وأخرى مصطلح العنوسة بوصفه من المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تهدد النسيج المجتمعي، ويتم قصره على المرأة دون الرجل!.. بل وتُكتب حول هذا المفهوم الكثير من التغريدات التي تُنسب إلى شيوخ أفاضل أو كتّاب معروفين أو مثقفين بغرض الانتقاص من المرأة والحط من شأنها! .

أنا على ثقة بأن مثل هؤلاء الذين تُنسب لهم تلك التغريدات ليسوا على علم بها بل استُخدمت أسماؤهم لترويجها، لأنهم على وعي كامل برؤية 2030، التي أنصفت المرأة السعودية بشكل غير مسبوق حتى على مستوى العالم، وتعاملت معها كمواطن كامل الأهلية، كما أنهم يدركون جيداً، أن مصطلح، «العنوسة «، يتحول إلى عنف موجه ضد المرأة، إذا كان الخطاب يعنيها هي فقط!، لذلك أنا على يقين بأن هذه المصطلحات التي يتم ترويجها هي إحدى إفرازات المرحلة الظلامية -أطلق عليها صحوة كذباً-، التي عملت على إرهاب المجتمع، وانتقصت من المرأة، فهي تحط من قدرها وتعرقل خطواتها، تلك المرحلة الإخوانية التي نحاول التخلص منها ومن إفرازاتها.

نسبة تلك التغريدات أو الأقوال إلى شخصيات معروفة من المثقفين والشيوخ الافاضل الذين نعتز بهم وبفكرهم حتى يتم قبولها وتداولها لضخ الوعي المجتمعي بها، ليعود لممارسة الضغوط على النساء، للقبول بزيجات لا تناسبهن أو تنتقص من إنسانيتهن وكرامتهن. بل أن توقيت نشر تلك التغريدات الذي يكون احياناً في وقت متأخر جداً من الليل يؤكد أنها تنطلق من حسابات وهمية هدفها تمرير فكرها الظلامي.

مصطلح «عانس»، يطلق على الرجل والمرأة، الذي مضى بهم العمر دون أن يكتب الله لهم نصيباً في الزواج، لكن التغريدات تكون عادة موجهة للفتيات فقط، وكما تم تخصيص العنوسة للنساء سابقاً، يتم إعادة ضخ الوعي بها، وهذا يوضح، خطورة ضخ الوعي بإفرازات الفكر الظلامي. لنجد أن عدد الاقتباسات والإعجابات وإعادة التغريد يصل في لحظات إلى المئات أو ربما الآلاف!! .

إن توجيه مصطلح «عانس»، للنساء اللاتي مضى بهن العمر ولم يكتب الله لهن نصيبا في الزواج، يمثل نوعاً من العنف ضد المرأة، كما أنه تمييز ضد المرأة، لأنه مصطلح تمييزي ظالم، مع أن المجتمعات تضم أعداداً كبيرة من النساء والرجال الذين لم يكتب لهم نصيب الزواج، وأكرر كلمة «لم يكتب لهم نصيب الزواج» بدلاً من عبارة، «لم يتزوجوا»، لأن الزواج كبقية الأشياء التي تصيب الانسان في الحياة خيراً أو شراً، هي مكتوبة ومقدرة في قدر الإنسان، أو كما يقولون: «المزوج في السما»، أي كله بإرادة الله، لذلك يوجد في المجتمع أعداد كبيرة من الرجال الذين تخطوا الثلاثين بل الأربعين والخمسين دون زواج، لماذا لا تطاردهم الإحصائيات والأقلام لحثهم على الزواج، أم أن المفسدة فقط في بقاء المرأة بدون زواج؟!.

كثيرات من مستويات تعليمية مختلفة، لم يكتب لهن نصيب الزواج، بعضهن ربما في مناصب مهمة، كلهن يخدمن الوطن، بالإضافة لتحمل مسؤولية أن تكون امرأة مسؤولة في مجتمع ذكوري، لكنهن نجحن بامتياز، في كسر حاجز الذكورة، وكسر ثقافة الأدوار المحددة التي أعاقت النساء عن رفد أحلامهن بالتخصصات العلمية، أو المهن المختلفة، حتى أصبح كل هذا كابوساً كان جاثماً على صدر المجتمع، أزاحته بقوة رؤية محمد بن سلمان، ولا أتصور أن عاقلاً يتبنى مثل هذه الأفكار والمصطلحات، التي تسيء إلى المرأة السعودية نصف المجتمع وأم النصف الآخر.

أتصور أن على الجهات المعنية، والعلماء، والكتاب والمؤسسات الثقافية، تصحيح الثقافة التمييزية وتصويب اللغة والمصطلحات، ولأن كلمة عالم أو داعية هي الأقرب للقلوب، من بعض الكتاب والمثقفين أو منهم أجمعين، بطبيعة الميل الديني الفطري للمجتمع، لذلك تنسب إليهم مثل هذه العبارات، بينما هم كمثقفينا وكتّابنا ساروا في ركب النهضة العظيمة في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين، لأنها منسجمة كلية مع ديننا العظيم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store