Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

صديقي «بايبولار»

A A
يُصادف الثلاثين من مارس من كلّ عام، يوم التوعية باضطراب «ثنائي القطْب» وهو أيضا ذكرى ميلاد الفنان الشّهير (فنسنت فان جوخ) الذي يُعتقد أنه عانى من هذا المرض وأمراض نفسية عصبية أخرى، حيث أقدم في إحدى نوبات الهياج على قطع أذنه، وانتهى به المطاف مُنتحراً بإطلاق الرصاص على صدره.

ويتميّز هذا النوع من الاكتئاب، بنوبات تأرجح مُتطرّف في المزاج، حيث يُصاب المريض به بنوبات هوَس وأرقٍ وفرْط حركة وابتهاجٍ ونشوةٍ غير طبيعية، قد يتخلّلها هياج وسلوكيات متهوّرة، تتحوّل خلال أيام أو أسابيع إلى النقيض تماماً من أعراض الكآبة الشديدة وغيابِ البهجة والخمول البدني والذهني بصورة مُفرطة، والشعور بعدم القيمة وحتى التفكير في الانتحار.

تصفُ إحدى المريضات هذا النوع من اضطراب المزاج بقولها: «تخيّل أن تقضي حياتك دون استقرارٍ نفسي، وتعيشَها في حالة ترقّب لنوبات متأرجحة تداهمك فجأة، فتفسد عليك مزاجَك، ومشاعرَك، وعملك، وعلاقاتك.. تخيّل أن تستيقظ لتجد نفسَك تطير في السّماء من فرْط السّعادة والنشوة، وتفكّر بجدّية في مشروعاتٍ عملية وخططٍ مستقبليّة، وتخطر في ذهنك أفكارٌ عظيمة، تستحيلُ معها إلى شعلة نشاط وحماس، ثم تنام على آمالٍ عريضة ومشاعر زاهية، لتصحو في اليوم التالي وأنت في قمّة الاكتئاب والإحباط، لا تقوَ على الحراك من فوق السرير، غارقٌ في قاع اللامُبالاة والضّجر، دون أيّ سبب وجيه.. تخيّل أن تقضي حياتك وأنت لا تعرف ما هو «المزاج المُعتدل»، وتضطرُّ للتعامل مع نظرات الاستغراب والغضبِ والتعاطف من أناسٍ يظنّون أن تلك التقلّبات المزعجة تحدث بإرادة المريض واختياراته، فيستغلُّونها في الحكم عليه دون فهم ولا عدالة، ويكون أقصى ما يمكنهم قوله: «عِش حياتك واستمتع بها واضبط مزاجك ولا تكن أسيرا لمشاعرك»!! وهم بهذه النصائح النمطية السّخيفة، يغرزون خناجر الأسى والغيظ في قلب المريض بهذا الاضطراب، إذ لا يشعر بجحيمه إلا من يعيش معه يوميا».

من الضروري نشر الوعي الصحي والمجتمعي بهذا النوع من الاكتئاب، وغيره من الاضطرابات النفسية، وأنه مرض لا يفرّق بين مُسلم وغير مُسلم، ومتديّن وغير متديّن، ومؤمن ومُلحد، ومُلتزم ومتحرّر، وهو ليس مَعيبا ولا مُخجلا ولا علاقة له بسحرٍ أو عيْن أو مسّ شيطان، بل منتشرٌ بكثرة ويستدعي العرض على الطبيب المُختص لعلاجه بفعالية، فضلاً عن أن المُصابين به أغلبهم من الأذكياء، ويميلون إلى الإبداع والعبقرية، إذ تصل نسبة الإصابة باضطراب «تنائي القطْب» لدى العباقرة إلى (40%) مقارنة بـ(10%) فقط لدى الجمهور العام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store