Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

برنامج زود الأجيال الادخاري

A A
الادخار ثقافة مجتمع تبدأ من الأسرة وتنتهي إلى ميزانية دولة، والادخار كما يعرّفه الغرب سياسة اقتصادية تضمن استقرار الاقتصاد على جميع المستويات، والادخار الأسري الخاص بمستقبل الأبناء هو سياسة بنكية بدأت بأسس منظمة وهادفة في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت تستهدف في الأساس استكمال تعليم الأبناء في المرحلة الجامعية لأن تكلفة التعليم الخاص الجامعي كانت مرتفعة إلى حد ما.

إن فكرة الادخار للأبناء فكرة قديمة إلا أنه وللأسف نتيجة ضعف ثقافة الادخار في الأسر السعودية واعتمادهم على مجانية التعليم الجامعي والعام استبعدت فكرة الادخار للأبناء، رغم أن أغراض الادخار للأبناء عديدة وليست مقصورة على التعليم فمنها الزواج وتأمين السكن وشراء المستلزمات الأساسية مستقبلا عوضًا عن اللجوء للاقتراض.

ثم تطوّرت سياسات الادخار الأسري حتى تبنّت بعض البنوك السعودية هذه السياسة للأبناء والحقيقة يعتبر البنك الأهلي رائدًا في هذا المجال، وبعد إنشاء بنك التنمية الاجتماعية تبنّى بالتعاون مع بنك الرياض في الأسبوع الماضي منتجًا يعتبر الأول من نوعه على مستوى المنطقة وهو امتداد لما قدمه البنك من برامج توعوية للادخار في عامي 2018و2019م، وهو برنامج (زود الأجيال الادخاري)، وهو عبارة عن تجربة بنكية مبتكرة تشجع الأبناء من عمر 6-18 عامًا بادخار مبالغ شهرية مربوطة بأهداف ادخارية تتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة وتهدف إلى رفع مستوى الوعي المالي والتشجيع على الادخار والتخطيط المالي وبإشراف الوالدين، ويقدم البرنامج حزمة من المحفزات المالية تشمل حوافز نقدية شهرية إلى 15 ريالا كحد أعلى وسحوبات وجوائز شهرية بقيمة 100 ريال وربع سنوية بقيمة 300 ريال ومواد توعوية وتثقيفية، حتى بلغ عدد المشتركين فيه حتى الآن أكثر من 81 ألف مواطن ومواطنة من جميع مناطق المملكة، وبلغ إجمالي المدخرات حتى الآن أكثر من 215 مليون ريال.

والحقيقة تعتبر مبادرة بنك التنمية الاجتماعية مبادرة متميزة آمل أن يستفيد منها الآباء والأسر السعودية لبناء مدخرات لأبنائهم مستقبلا، وإذا افترضنا أن عدد الطلاب والطالبات في المدارس الحكومية والأهلية سبعة ملايين طالب وطالبة، وافترضنا أن حوالى خمسة ملايين ممكن أن يدخروا 10 ريالات شهريًا لكل طالب فسيتم ادخار خمسين مليون ريال شهريًا و600 مليون ريال سنويًا، فبالإمكان لبنك التنمية استثمار هذا المبلغ بعوائد عادلة أو استثماره في مشاريع سكنية لشباب المستقبل وبدون الدخول في تفاصيل حسابية.

إلا انني أشيد بمشروع (زود الأجيال الادخاري) وأجزم أنها فرصة ادخارية محفزة للأسر السعودية وهي بداية لنشر ثقافة الادخار.

وبمقارنة نسب الادخار في الأسر السعودية إلى نسب ادخار الأسر في العالم فنجد أن نسبة ادخار أموال الأسر في السعودية حوالى 1.6% من دخل الأسرة السنوي بينما تبلغ نسبة الادخار في الصين 36% وفي اليابان 25% وفي ألمانيا 11% من دخل الفرد وهذا ما يفسر قوة اقتصاد هذه الدول حيث يساعد الادخار على تنمية مشاريع الدول الداخلية بعكس الدول التي تعتمد على الاستدانة من الخارج لتمويل مشاريعها والتي تتحمل فوائد سنوية كبيرة على الديون المستحقة، لهذا اهتمت رؤية المملكة 2030 بتعزيز الادخار والاستثمار حيث أصدر مسبقًا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية موافقته على برنامج تطوير القطاع المالي وتنويع مصادر الدخل وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار مما يعني التركيز على الادخار عن طريق وضع إستراتيجية وطنية وخطط وبرامج تعزز ثقافة الادخار عند الأسر السعودية، وكذلك أن تتضمن المناهج الدراسية تعليم الطالب ثقافة ومبادئ الادخار والتخطيط المالي والتي ستسهم في معالجة نسب الفقر المرتفعة لا سيما في الظروف الاقتصادية الحالية.

كاتب اقتصادي سعودي

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store