Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الطعام والشراب والقهوة في رمضان

A A
في شهر رمضان، عندما أذهب إلى أحد صالونات التجميل خصوصاً آخر الشهر، حيث تزدحم الصالونات ومعظم العاملات من جنسيات شرق آسيوية، لا يَدنّ بدين الإسلام، وبالتالي لسن ملزمات بصيام شهر رمضان، إلا أنهن يجبرن على الصيام، وعدم السماح لهن بتناول الطعام حتى موعد الإفطار.

لم يسترع انتباهي الأمر إلا عندما اصطحبت حفيداتي على أمل أن أجد لهن في كافتيريا الصالون أطعمة وعصائر، إلا أني فوجئت بأن الكافتيريا مغلقة، سألتهن: ألا يسمح لكُنَّ بتناول الطعام، أجبنني بالنفي وأنهن يداومن وقتاً طويلاً بطبيعة الحال دون تناول وجبة السحور مثلاً وليس لديهن وقت لتناول الطعام قبل حضورهن لأن وقت العمل طويل ووقت راحتهن لا يستوعب أوقات الطعام.

حرمانهن وحرمان الأطفال ومن لديهن عذر الإفطار من تناول أي نوع من الطعام أو الشراب، قضية شغلتني منذ سنوات لكنها تتوارى خلف قضايا كثيرة تتجلى لحظة كتابة المقالة، حتى أثار الأستاذ وحيد الغامدي هذه القضية، في مقالته في مجلة اليمامة يوم الخميس 15 إبريل 2021م، فالصمت لم يكن مبرراً، وهي بحاجة إلى طرحها والنقاش حولها فهي كما ذكر الغامدي من القضايا الجدلية.

قضية، «جرح مشاعر الصائمين»، في نهار رمضان، يجب إعادة النظر في مفهومها، وانعكاساتها السلبية على الجاليات التي ليست ملزمة بالصيام، كذلك أصحاب الأعذار، من المرضى أو النساء، والأطفال، لماذا يحرمون من حقهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وتناول طعامهم وشرابهم في أماكن عملهم مثلاً؟!

القضية لم تعد محصورة في نطاق الرؤية والرغبة بل أثيرت على نطاق إعلامي حيث طرحت في استفتاء جماهيري من خلال قناة الإخبارية: (ما رأيك في فتح المطاعم في نهار رمضان لغير المسلمين، ولذوي الأعذار) كما ورد في مقالة الغامدي.

لم أذكر أننا منعنا من تناول وجبتنا خلال اليوم الدراسي عندما كنا في المدرسة، ونحن فتيات، نمر جميعا بفترات لا نلزم بالصوم خلالها، بل بالإفطار، كانت والدتي تنبهني بتناول إفطاري قبل الخروج إلى المدرسة صباحاً، وأفهمتني أن هذه رخصة من الله سبحانه وتعالى بالافطار، وستعوض بصومها بعد رمضان، فلا تجبرى نفسك على الصيام.

هكذا كان رأي والدتي رحمة الله عليها وأنا في ذلك العمر الغض، خجلى من إفطاري، لكنها تشجعني على ممارسة حقي، طالما أنها رخصة رب العالمين.

لذلك أتفق مع ما جاء في مقالة الأستاذ وحيد حول هذه القضية: «جرح مشاعر الصائمين»، ما الذي يجرح مشاعرهم؟ هل رؤية الطعام، أم رؤية غيرهم يتناول طعامه؟

عندما نكون خارج الوطن في شهر رمضان، نشاهد المطاعم مكتظة، والمقاهي، ورائحة القهوة تقتحم حواسنا، لكن لا نشعر بأي جرح لصيامنا ونستكمله مهما طال يومه.

ديننا الإسلامي دين الرحمة والسماحة والإنسانية، هذا الدين الذي أعطى للمريض رخصة الإفطار في شهر رمضان، لماذا لا يتناول طعامه في نهار رمضان خصوصاً إذا كان يتناول أدوية بعد الطعام أو قبله؟ والمرضع أو الحامل التي لديها رخصة الإفطار، والسيدات والفتيات اللاتي لديهن رخصة الإفطار، لماذا لا يتناولن وجبتهن في مكان العمل أو المدرسة خصوصا إذا كان الوسط نسائياً خالصاً، كصالونات التجميل النسائية مثلاً؟

لماذا تجبر النساء على الصيام الكاذب، ولماذا يجبر غير المسلم على الصيام مراعاة لمشاعر الصائمين؟

لماذا يهتم الصائم بمن يأكل أو يشرب؟ أين إيمانه واحتسابه؟ هل المسلم الذي نوى الصيام لوجه الله تعالى سيجرح صومه رؤية الطعام والشراب؟ ماذا يفعل الصائم في غير شهر رمضان؟ ألا يجبر على مخالطة غير الصائمين وهم يتناولون طعامهم وشرابهم، الشاي والقهوة؟.

في تصوري أن القهوة يمكنها أن تخدش فقط، لا تتسبب في إحداث جرح بليغ في مشاعر الصائم لكنها تخدش مشاعر المدمنين عليها وعلى رائحتها لذلك أرى إمكانية منعها في شهر رمضان وعدم تناولها أمام الصائمين في غير رمضان!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store