Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

«المسحراتية» يبكون فؤاد حداد.. وأنا أطوف على «الأحباب»!

A A
مات مسحراتي مصر الأول فؤاد حداد، فبكاه صلاح جاهين قائلاً: جايه عـروس الشعر م البغالة، بملايـة لف وكف متحنى..شافت صوان وحبال وناس شغالة، وأنا بابكى جنب الباب ومستنى..والشمس تقطر حزن ع الصبحية، مين اللى مات يا شب يابو دموع؟ قالت عروس الشعر للموجوع! مين اللى مات يا شب، قل لى يا خويا! قالت عروس الشعر.. لا يكون أبويا؟ أنا قلـت أبونا كلنا يا صبية! مات زى ما كتف الجبل ينهد، مات باقـتدار وفخار ماقالش لحد! بيرم.. ومات ماشى ف طريق الجد، وجنازته ماشية أهه في شارع السد، والنعش عايم في الدموع في عينيا!

وكتب عبد الرحمن الأبنودي يقول: إنت الإمام الكبير.. وأصلنا الجامع! وإنت اللى نِقبل نصلّى وراك فى الجامع.. بسيط يا مولاى والضحكة فى صدْرك قوت، فقير يا مولاى.. ورازقنا حرير وياقوت.. ونشيد عشان الأرض، ودعوة للِّى يموت.. وخريطة لفلسطين، وكُمّ للدامع.. إن تمدحوا الشعر بامدح سيرة الشاعر، وأشهد بإنه صبور.. العارف.. الطاهر.. الصاحى سهران.. ونايم نومة الساهر..على حرف ورقه، بنصل يمص دمه الحر.. دقق فى «بيت» تلقى تحته ميت وريد بيشر! اتبع خطا الدم تلقى الجرح ولونه يسر، فؤاد ما قالشى ف يوم.. المر ماله مر..متبوع .. وليه تابعين .. عمره ما كان تابع!

أما الجميل سمير عبد الباقي فكتب ملتاعاً: يا عم يا حداد، سيفي انسرق مني.. وانا كنت نادره يغني، عشان رجوع الصيف، ويخف أحمال جمال كلت، عماها الزيف! عيني يا حزن الرجال، إن كنت ح نعييني.. أنا كنت حادي القوافل فيك أتر مني..قسيني كالمطرقة، قدرني كالسندال.. أنا العصي الاحتمال، أول ما نقرا سوا، ونرتل الموال.. تروح مني؟!

أيه يا حنين العاشقين للورد، يا صبر فلاح عرف قدره وما قدوش حد! يا شوق فقاري الامام لنهار يحق الوعد.. يا جنون بلا حد.. حين شعرك يناوبني، ملعون أبوه الجفاء والصمت.. جاوبني.. لو كان في نومتك خلاص إبني، قوم اصحى جاوبني.. ممنوع تعذبني.. أو للطيور الجوارح في الخلا تسيبني.. دا أنت ابتسامة لقاك، كانت لنا البلسم.. ونسمتك أنسم.. فؤاد تبسم، وكان متعب.. فطببني!

والحق أن مرثية سمير عبد الباقي، في المسحراتي الأول فؤاد حداد، سحبت مني دمعي الذي ظل طيلة كتابة المقال متجمدا ولا ينسكب! ومن ثم فقد غير وجهتي ورحت أكتب بلوعة المكتئب! ففي كل صباح أقرأ عن حبيب غاب، وفي كل ليلة أمسي على حبيب ينسحب!

أما الشاعر الصديق جمال بخيت، الذي تسلم راية الامبراطورية فرعاها بابداعه وحافظ عليها، فكتب يقول: مسحراتي ومشيت في ضي.. فؤاد وسيد في كل حي.. لولا اللي رايح، ماكنش جي، لولا اللي راحل، مكنش حي.. ولولا صوتهم، ما كنش حسي، يطوي دروب الليالي طي! فؤاد وشاعر.. حداد وصوفي.. بالحب رتب، أول حروفي! فؤاد وسيد ماشيين يغنوا.. قلبي وروحي لما اطمأنوا.. خدوا، وردوا للشعب فنه.. لا باعوا روحهم، ولا تمنوا.. غير غنوة تستر يوم الغلابة، وغنوة تمسح عرق الي أنوا!

عقود طويلة مضت، وأنا أتذكر صوت الشيخ الدريني في جامع «سيدي خليفة»، والشيخ يسري في جامع «الجزار»، والشيخ محمود حربي في المسجد وفي الدار! وكلما عدت بالذاكرة يسطع وجه أمي، ويعلو صوت أبي في دعاء القيام، أجمل ما سمعت طيلة عمري!

لا ادري لماذا تخيلتني هذه المرة، والعيد يقترب، وقد استدعيت شعوري المعتاد بالجمال، فلم يستجب! هل لكثرة فراق من نحب؟! أم أنه صدى الحزن مازال يتردد، ناقلا دقات قلبي المنتحب؟! قلت أيها الحزن توقف! ويا أيها الراحلون، ما أنتم إلا زهور جفت في الحياة لكنها في قلوبنا لا تجف.. ما أنتم الا ورود تحفظ من عبقها ما قد يظن البعض أنه ذهب!

كنت أنهي المقال وأنا أردد على طريقة المسحراتية الكبار: هاروح أزور، وأمش أدور: فينك يا أمي فينك يا خال، فينك يا «أبلة» فينك يا صاحبي، فينك يا صهري، فينك يا ضهري، فينك يا «فوزي» فينك «علي»؟ فينك يا «أحمد»، فينك «نوال»، فينك يا «يوسف» فينك «هلال» فينك «بلال»، طويتوا فرحي، طوتوني طي! واصحى يا نايم اصحى.. وحد الحي!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store