الإفطار.. والفطور

في هذا الشهر الفضيل الكل يتبادل المصطلح أحيانًا (الفطور) وأحيانًا (الإفطار) ولا يعرف أو يفكر أيهما أصح أم أن هناك فارقًا بينهما في المعنى.

للفعل فطَر يفطر فطرًا معان أشهرها معنيان الأول بمعنى خلق وأوجد على غير مثال سبق، والفاطر اسم من أسماء الله الحسنى، وبه سميت سورة من سور القرآن، ومعناه الخالق الموجد المبدع على غير مثال سابق، ومن ذلك قوله تعالى: (الحمد لله فاطرِ السموات والأرض).. سورة فاطر، ومنه قوله تعالى: (فأقم وجهك للدينِ حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلقِ اللَه).. والآخر فطر الشيء يفطره فطرًا أي شقه، فانفطر، والفطر الشق، وجمعه فطور (بضم أوله وثانيه)، وفي التنزيل العزيز: (الذي خلق سبع سماوات طباقًا ما ترى في خلقِ الرحمنِ من تفاوت فارجعِ البصر هل ترى من فطور) سورة الملك، أي هل ترى في السماوات شقوقًا وصدوعاً.

قال الشاعر: (شقَقت القلب ثم ذررت فيه.. هواك فليم فالتأَم الفطور) أي: فالتأم ما كان في القلب من شقوق وصدوع.. وأَصل الفطر الشق.. وفطره: شقه، وتفطر الشيء: تشقق.. أما فطور (بفتح فضم) فهو كل ما يفطر عليه الصائم من تمر ونحوه، وما يفطر عليه المفطر في الصباح.. وهذا الوزن (فعول) في الأصل لأسماء الذوات؛ نحو (سحور، وبخور، ووقود، ووضوء)، ثم نقل للمبالغة نحو (غفور وشكور وودود) فلزِم الإفراد والتذكير إلماحًا إلى أصله الذي نقل منه.. وأما إفطار فمصدره (أفطر يفطِر) أي تناول الفطور.. فعلينا إذن أن نتنبه إلى تلك الفروق فلا نخلط بين فطر يفطر وأفطر يفطِر، وفاطر ومفطِر، وفُطُور وفَطُور.. أصل الفطر: الشق طولا، يقال: فطر فلان كذا فطرا، وأفطر هو فطورًا، وأنفطر انفطارًا.. أي: اختلال ووهي فيه، وذلك قد يكون على سبيل الفساد، وقد يكون على سبيل الصلاح، قال تعالى: (السماء منفطر به كان وعده مفعولا) سورة المزمل..

وفطرت الشاة: حلبتها بأصبعين، وفطرت العجين: إذا عجنته فخبزته من وقته، ومنه: الفطرة. وفطر الله الخلق، وهو إيجاده الشيء وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الأفعال، فقوله: (فطرت الله التي فطر الناس عليها) سورة الروم، فإشارة منه تعالى إلى ما فطر. أي: أبدع وركز في الناس من معرفته تعالى، وفطرة الله: هي ما ركز فيه من قوته على معرفة الإيمان، وهو المشار إليه بقوله: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله).. سورة الزخرف، وقال: (الذي فطرهن) سورة الأنبياء، والذي فطرنا أي: أبدعنا وأوجدنا.. يصح أن يكون الانفطار في قوله: السماء منفطر به إشارة إلى قبول ما أبدعها وأفاضه علينا منه.. والفطر: ترك الصوم. يقال: فطرته، وأفطرته. وأفطر هو، وقيل: للكمأة: فطر، من حيث إنها تفطر الأرض فتخرج منها.