Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

بين رمضان 1441هـ ورمضان 1442هـ

A A
من منا لا يذكر الإجراءات الاحترازية التي كان معمولاً بها في رمضان الماضي 1441هـ. حين كنا في إغلاق كامل بسبب ارتفاع أعداد الإصابات بالجائحة، وحُرمنا من الجُمع والجماعات وصلاة التراويح خلال الشهر كله، وما كانت الصلاة أو العمرة متاحة كما هو معروف، وكانت أفئدتنا تدمى ونحن نرى الحرمين خاويين من المصلين في الصلوات والتراويح إلا من بعض العاملين في المسجدين، واجتهد الناس وقتها في كيفية أداء صلاة التراويح وأخذ بعضهم بفتوى جواز الصلاة خلف التليفزيون إن توحد وقت الصلاة في بلدته مع توقيت مكة أو المدينة. وما كان التواصل بين الأهل والأصدقاء ممكناً في إفطار أو سحور بسبب حظر التجمعات، ولا كان ممكناً أن تجتمع العائلة في مطعم لفطور أو سحور لأن كل المطاعم مغلقة، ونشطت وقتها خدمات التوصيل إلى المنازل، بل تأسست شركات برمتها، حققت وما تزال تحقق أرباحاً فلكية من هذه الخدمة التي ما تعودنا عليها وما كنا نلجأ إليها إلا لماماً، وبات الكبير أو الصغير قادراً على استخدام هذه التطبيقات ليصله كل ما يريد حتى لو كان كوب قهوة. وبالطبع، فإن تناول الطعام في مكان مناسب مع الأهل أو الأصدقاء مريح للنفس وفاتح للشهية وفيه الكثير من الدعة. ناهيكم عن معاناة أخرى تتصل بحظر التجول، وما لذلك من آثار نفسية وخيمة، فمن الصعب على المرء كثيراً أن يظل رهين مجلس البيت، مهما توفر له من وسائل الراحة والرفاهية. ذلك بعض ما عشناه في رمضان الماضي، وشهور أخرى عام 1441هـ التي شُددت فيها إجراءات الإغلاق درءاً لخطر الوباء وسعياً للحد من انتشاره، علماً بأن اللقاحات لم تكن قد ظهرت بعد في أي مكان من العالم، حتى إذا تناقصت الأعداد في الإصابات والوفيات وتحسن الوضع نسبياً، سُمح باعادة فتح المرافق والمساجد والمطاعم والأسواق تحت شعار: (نعود بحذر). وتنفسنا بعدها الصُعداء، وأحسسنا بأنّا خرجنا من محبسنا. هذا ما عشناه في رمضان الماضي، والعام الماضي عموماً، أردت أن أذكِّر كل من يقرؤني به، لأنه يبدو جلياً أن الجميع نسي كل تلك المعاناة وتلك الأيام التي أقول إنها كانت صعبة. فيجب دون شك أن نقدر ما آلت إليه الأحوال من انفراج ولله الحمد، فالمساجد مفتوحة، وتراعى فيها إجراءات السلامة من التباعد واستخدام سجادات الصلاة الخاصة، وطبقت فيها تعليمات مناسبة من تقصير مدة الصلاة، خاصة في رمضان إذ ينبغي أن لا تزيد مدة صلاة العشاء مع التراويح مثلاً عن نصف ساعة، وفي الحرمين الشريفين اقتصرت صلاة التراويح على خمس تسليمات حرصاً على عدم الإطالة، وسُمح بالعمرة والصلاة في الحرمين بضوابط معينة وتصاريح مسبقة وجاء كل ذلك برداً وسلاماً على قلوب المسلمين في هذا الشهر الكريم. كما فُتحت المطاعم والمتاجر والأسواق، على أن تتبع فيها إجراءات السلامة والتباعد المعروفة وكأننا اليوم عدنا لنعيش حياة شبه طبيعية رغم أن العالم كله يموج في انتشار الوباء وتزايد الوفيات والإصابات وتشديد الإجراءات، فهلا شكرنا الله على هذه النعمة.
ارتدتُ بعض المساجد القريبة من داري في رمضان وشهدتُ تكدساً هائلاً، ولم أرَ أي مراعاة لقواعد التباعد من المواطنين والمقيمين، ما ألزمني أن أبحث عن مسجد ملتزم بالقواعد حتى لو كان بعيداً، ناهيك عما نراه في الأسواق وبعض المطاعم من زحام وتكدس. فليت هؤلاء المخالفين يرعوون ويضعون في أذهانهم أن الإغلاق قد يعود وهو ما لا نتمناه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store