Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

نبض الأشجان.. في ذكرى رحيل عاصم حمدان

A A
اليوم أكتب عن الإنسان الأديب والمفكر عاصم حمدان بعد عام على رحيله رحمه الله، هذا المثقف العذب الصوت المتزن في كل ما يطرحه وبكل هدوء وشفافية بروحه الرقيقة ومفرداته الجميلة.

عام على رحيلك وأنت لا تزال وستظل في مساحة مضيئة من الذاكرة، فشخصيتك التي اجتمعت لها مقومات عدة والجانب الإنساني يتبدى ويظهر في كل المواقف التي عرفتك فيها.. لم يصاحب حضورك في مراحل علمك ضجيج بل كان لصوت ثقافتك وفكرك وحبك العبور الذي يمكن وصفه بتسلل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة المنسدلة الستائر، وأصبحت بأناقة كلماتك تحمل مؤهلات الأديب وحضور المثقف وروعة المؤلف، فكنت أنيقاً في حديثك ولباسك وفي كل شي حولك حتى مشيت فوق سطح رخام أبجدية اللغة، فوقفت على ناصية الكلمة والتي أصبحت عشقك فكتبت الحرف بهياً ومضيئاً، وكان هذا السرد الأنيق: حارة الأغوات ورحلة الشوق في دروب العنبرية وحارة المناخة وهتاف من باب السلام وذكريات من الحصوة٠٠

وأنا في هذه المقدمة البسيطة لا أريد أن أستعرض القدرة اللغوية، أو -كما يقال دائماً- القدرة الفلسفية، ولكن الكتابة عن عاصم حمدان بمثابة الغوص في التاريخ، وكيفية سرد هذا التاريخ، فتنوع ثقافة هذا «المدني» رحمه الله الذي عشق مكة وسعة اطلاعه انبثق منهما أدبه الذي يعتبر شيئاً مختلفاً وطرازاً آخر، فقد وصل لأعماق المعرفة بطريقة مختلفة أدبياً وعلمياً فكانت قدرته الأدبية التي برع فيها لتصوير تلك الشخصيات والأمكنة والمواقف، حتى كأنك تشعر أنه أعادك لنفس التاريخ، تعيش تلك اللحظات، وكتابه عن حي الشامية الذي حمل عنوان: «أشجان الشامية»، وكأنني أرى تلك الأسماء التي ذكرتها رحمك الله. أتذكر كلمة الناشر الأستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة عندما أصدر المجموعة الكاملة لعاصم حمدان، يقول: عاصم من جيل القنطرة التي ربطت بين الرواد الأفاضل وجيل المعاصرة.. جيل نهل من تجارب الماضي وامتشق حنيناً يذوب في الفطرة السوية التي امتازت بالبساطة والثقة والعفة وجمال النفوس.. أناس كستهم الطيبة وعلَتهم الهيبة وسكنتهم المروءة والبذل حتى أصبحوا جسداً واحداً» انتهى.

رحمك الله سنة الحياة ولكل أجل كتاب والموت حق ولكن فراق من نحب أكثر ألماً.. أراد الله عز وجل أن يقف ذلك القلب الذي كان مليئاً بالحب.

رسالة

«هذا «المدني» الجميل المميز بثقافته الاجتماعية ما حل بمدينة قط إلا وأصبح جزءاً من ذاكرتها ونسيجها العام.. فلقد قصد مكة المكرمة طالباً، فغدا خلال سنوات معدودة خبيراً بأهلها وشِعَبها وحكايات رجالها، فإذا ما قرأت.. أشجان الشامية ظننته ذلك الأنيس الذي افتقده الشاعر في الزمن القديم بين «الحجون» و»غيلم»، ذلك الأنيس الذي لفحته مكة برياح سمومها، فامتزجت رجولة أهل مكة، ودماثة أهل طيبة».

محمد صادق دياب

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store