Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

قيامة بإثيوبيا وانكفاءة أم حكمة في الخرطوم والقاهرة؟!

إضاءة

A A
بعيدًا بعيدًا ذهب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بقضية السد المقام على النيل، مستخدمًا عبارة «قيامة إثيوبيا» أسوة بقيامة المسيح، تاركًا دولتي المصب تستنجدان بمجلس الأمن! والواقع أن قيامة أبي أحمد الآخذة في التصاعد، فتحت الباب من جديد على أشياء كان كثيرون قد نسوها أو تناسوها باعتبارها مسائل شخصية تتعلق بالزعيم الإثيوبي ذي الأصول الأورمية، وتحديدًا بوالده المسلم وفقًا للبيانات التاريخية، ووالدته المسيحية ذات العرقية الأمهرية، وكلاهما الأورمية والأمهرية له مشاكل سياسية لم تزل قائمة.

لقد عمد آبي أحمد الذي ينتمي الآن إلى الطائفة البروتوستانتية الخمسينية، وهو يحتفي بعيد الفصح الى استخدام «قيامة إثيوبيا» في حديثه السياسي عن الانتخابات المقبلة في مايو من جهة، وعن «سد النهضة» وتحديدًا عن «الملء الثاني» الذي ينوي تنفيذه في يوليو!

ولقد كان يمكن أن تمر هذه العبارة «قيامة إثيوبيا» على سبيل الحماسة، أو المجاملة، لولا أنه غرد قائلا: «كلما اقتربنا من الأمل، أصبح الأمر أكثر صعوبة، وبينما نكافح الوقت والظروف لإكمال السد، يجب أن نضع في اعتبارنا أن منافسينا لن يترددوا في إلقاء الحجر الأخير، الذي يعرقل مسيرتنا، إنهم يهددون طريقنا ويبذلون قصارى جهدهم لمنع قيامتنا»!

نتذكر هنا كيف وصل آبي أحمد لرئاسة الحكومة حين اختاره ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، وأدًا للفتنة، ومنعًا لتفاقم الأوضاع، بعد اندلاع أعمال عنف واحتجاجات مناهضة لحكومة ديسالين بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من عرقية أورومو والحكومة حول ملكية بعض الأراضي، وقبل أن تتسع رقعة المظاهرات لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت حينها لمقتل المئات واعتقال الآلاف.

ومالنا وزعيم يحدد موقفه بصراحة ويعلن بدء الملء بعد شهرين، غير عابئ بالآخرين الذين يتهمهم بإلقاء الحجر، ويهددون طريقه، ويبذلون جهدهم لمنع قيامته، ولنذهب لمن سماهم منافسيه، ولنبحث أو نشرح حتى يفهم الناس كيفية إلقاء الحجر، فضلا عن نوعه، وعن جهودهم الرامية كما يقول لمنع قيامته!

تقول آخر الأنباء الواردة من الخرطوم إن السودان وفقًا لتصريح وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي يؤيد حل الأزمة عبر الاتحاد الإفريقي بمشاركة مراقبين دوليين!

وتقول الأنباء الواردة من القاهرة، على لسان أكثر من مسؤول إن مصر لن تدخر جهدًا في إمكانية الاجتماع والتفاهم لحل مشكلة الملء الثاني!

أما والحال كذلك، فقيامة آبي أحمد المشتعلة، تقابلها نغمة هادئة صادرة من الخرطوم والقاهرة! لكن أديس أبابا تخطئ أكثر إن هي ظنت أن قيامتها سيقابلها انكفاء! لقد بات النيل حديث الناس في الصباح وفي المساء.. في الشوارع والحارات، في المقاهي والاستراحات.. في الحقول وفي المصانع وفي الجامعات! وحين يغضب الناس يغضب النيل، فإذا غضب بضفتيه، اهتزت أشجار الحكمة والصبر في شطيه ولن يوقفه أحد! وإذا صمت البعض سينطق ويتكلم ولن يتلعثم! فما بالك إذا قال له القوم: كنت في صمتك مرغما، كنت في حبك مكرها، فتكلم وتألم وتعلم كيف تكره.. غضبة للعرض.. غضبة للأرض.. فإذا ما هتف بنا.. فليقل كل فتى إني هنا! عندها سيقول النيل: أنا لا أكره الناس، ولا أمنع مائي عن أحد، لكن إذا عطش أهلي فحذار حذار من غضبي.. وعندها لن يوقف طوفاني أحد!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store