المتمعن في جغرافية المملكة وتضاريسها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ومن الأطراف إلى الوسط.. يدرك أننا في بلد ثري بالخيارات الطبيعية والتاريخ والتراث، والأرض يعمرها الإنسان الذي يعيش على ثراها. الثروة النفطية وفرت لدول الجزيرة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية فرصاً بدون حدود ومقومات منحة زمنية نادرة تم استثمارها بقدر المستطاع بجدارة حتى أصبحت في مصاف الدول المرموقة ولا نقول الأفضل ولكن في كل الأحوال أفضل من غيرها. ويعود النجاح الذي تحقق الى الأمن والاستقرار والتدرج في التغيير بدون قفزات طائشة تشكل فقاعات تطير في الهواء وتنفجر.
. التنمية البشرية من حيث التعليم ومستوى المعيشة وفهم المسئولية الاجتماعية والترابط الأسري من أهم عناصر التطور والرقي في كل مضامير الحياة والعارفون يدركون ما لذلك من أهمية وتأثير على صناعة المستقبل الناجح بالمعنى الصحيح للنجاح على مستوى الأسرة والمجتمع.
التنظيم المؤسسي لازال ينتظر المزيد من الاهتمام والجرأة على التغيير لأن خطورة الجمود والاتكالية إنها تصل بالمجتمعات إلى طريق مسدود بعد تبديد الثروات بدون حساب وفق خطوات محسوبة بالتوازن بين حاجات الحاضر ومتطلبات المستقبل وفق خطط مرسومة بها مرونة التطويع للتعديل والتغيير عندما تستوجب الحالة ذلك. الثقافة التراكمية تشكل أرصدة ومرجعيات يُستفاد منها لبناء جسور المستقبل بجودة عالية لحمل تبعات التغيير الإيجابي في كل مرحلة حتى يكون لها عوائد تشكل مناعات قيمية ضامنة ضد العبثية المدمرة كما هو الحال في بعض المشاهد العربية.
وللخروج من حلقة الاستهلاك المستدام ينبغي التركيز على المشاريع الصناعية ذات القيمة وخاصة التي تتطلب مواد أولية متوفرة محليًا مثل صناعة البتروكيماويات ومشتقاتها ومع أننا قطعنا في هذا المشوار شوطاً لا بأس به إلا أن الظاهر إنها تعتمد على استثمارات خارجية ولا ضير في ذلك لأننا نعيش في عالم العولمة والانفتاح الاقتصادي، ولكن الاعتماد كليًا على الاستثمار الأجنبي على حساب الاستقلالية الذاتية أو نسبة كبيرة من ذلك على الاقل حتى لا يكون محفوفًا بالمخاطر على المدى البعيد.
إن خلق رؤية لقاعدة صناعية صلبة بديل حقيقي لتشغيل اليد العاملة المحلية وخلق وظائف للجنسين والحد من شهوة الاستهلاك للمواد المصنعة في الخارج.
التسويق جانب مهم يجب أن يصاحب أي مشروع محلي ويكون أحد عناصره الأساسية وكذلك التدريب للقوى العاملة المحلية.
وفي الختام، لقد كثرت الأحاديث والكتابات عن نضوب البترول إلا أن طبيعة الآلة بشتى أنواعها الموجودة حاليًا ستأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم التحول إلى آلات جديدة ومصادر طاقة أخرى تنافس ولا نقول تستغني عن البترول بل إن التركيز على مشتقات البترول في الصناعات الدقيقة سيكون له دور جوهري في اقتصاديات المستقبل واحتياجات المجتمع.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
