Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

العودة للمدارس.. وصحة أبنائنا

A A
لقد صدر الأمر السامي الكريم باستمرار التعليم (عن بعد) حتى نهاية العام الدراسي 1442هـ؛ حرصاً من القيادة الحكيمة على سلامة أبنائنا الطلاب والطالبات ومنسوبي التعليم من مخاطر تعرضهم لفيروس كورونا. وحتماً إن ذلك ساهم في تعزيز الشراكة المجتمعية مع أولياء الأمور والأسر، ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم التعليم التقني؛ والذي حقق نجاحات باهرة، فإن منصة (مدرستي) جعلت السعودية ضمن أفضل الدول حسب منظمة اليونسكو، وكأفضل أربعة نماذج عالمية في التعليم عن بعد في ظروف الجائحة.

واستمراراً لجهود الدولة فقد وفرت وزارة الصحة ومنذ مطلع عام 2021 اللقاحات اللازمة، وتم تطعيم حوالي 15 مليون شخص تقريباً. وقد شدد معالي وزير التعليم على منسوبي الوزارة بضرورة الحصول على اللقاحات قبل بداية أغسطس. وهناك خطة من وزارة الصحة أيضاُ بإعطاء اللقاحات للطلاب والطالبات بحيث تكون عودتهم لمقاعد الدراسة آمنة بعد اشتياق كبير لكل مظاهر العملية التعليمية.. نعم ستفتح المدارس أبوابها وستشرق شموس العلم من جديد في نفوس أبنائنا وعقولهم وتبعث الحيوية في الأجساد والعقول التي ترهلت من الجلوس في المنزل واستخدام اللوح الذكي ساعات متواصلة.

حقق التعليم عن بُعد نجاحات ولكنه أفقدنا المقومات الأساسية التي يعتمد عليها التكوين النفسي، والاجتماعي، والجسدي، والعاطفي للفرد؛ لأن المدرسة بمرافقها ومناشطها هي النواة الأساسية لتلك المقومات ولا يمكن للتقنية خلق بيئة تواصلية كما يحدث في التعليم الحقيقي ومنها فقد (الأقران) وعلاقاتهم التي قد تستمر حتى خارج المدرسة، بل افتقد الطلاب للعلاقات مع المعلم القدوة والنموذج الذي يتعلم منه الطلاب مفاهيم متنوعة ومنها آداب الحوار، والاحترام، والأخذ والعطاء.. وحقيقة إن كان مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وبالتعاون مع الإدارة العامة للتدريب التقني والمهني قد عمل على تدريب 2835 متدرباً ومتدربة؛ لترسيخ قيم الحوار وتعزيز التعايش المجتمعي فإن هذا العدد لا يحقق أهداف التعليم فلدينا حوالي 6 ملايين طالب وطالبة كانوا في بيئات معزولة ونحتاج لإعادة ترميم ما خلفته الجائحة من أساليب تطوير الذات، وبناء الشخصية، والثقة بالنفس.. عن طريق برامج متنوعة منها فن الإلقاء، والخطابة، وتقديم عروض جاذبة، والابداع الكتابي.. بل حتى للابتكار العلمي والذي لن يحدث من خلال دروس نظرية على المنصة؛ بل في المختبرات العلمية والممارسة الحقيقة للتجارب.

حقيقة إن إغلاق المدارس قد ترك أثراً على نفوس الكثير من الطلاب؛ وأن هذا الحرمان الاجتماعي له تأثيرات سلبية خطيرة على نفوس الأطفال والمراهقين عالمياً وأدى إلى ارتفاع حالات الاكتئاب والقلق واضطرابات فرط الحركة؛ ففي دراسة أجرتها اليابان على طلابها تبين أن 30% من الطلبة يعانون من الاكتئاب بسبب الجائحة.. ونتمنى أن تقوم هيئة تقويم التعليم بدراسة مشابهة لتكتشف حجم الأضرار الناتجة وتأثيرها على طلابنا وطالباتنا ويكون ذلك في الأسبوع التمهيدي وللتعرف على الطلاب وخلفياتهم الاجتماعية والنفسية وتقدمها لوزارة التعليم لتقوم بمعالجة تلك الأضرار من خلال البرامج المتنوعة.

ولكن الأسئلة الكبيرة الملحة مع قرب العودة لمقاعد الدراسة.. ماذا قدمت وزارة التعليم لصيانة المدارس؟، هل أخذت في الحسبان اتساع قاعات الدراسة، وحسن التهوية، وتخفيض أعداد الطلاب في الفصول، ومراعاة النظافة المكثفة للفصول والساحات والممرات، ودورات المياه.. وكافة المرافق؟

إن منظمة الصحة العالمية تردد أن الوباء سيبقى ولعقود أخرى، إذن ما نحتاجه لإعادة الهيكلة للنظام التعليمي، الاهتمام بالبيئات التعليمية فلا مكان لأبنائنا في صناديق ومطابخ..!! ويفترض أن تكون الوزارة استغلت ظروف الجائحة في بناء مدارس تراعي المساحات والتخلص من المستأجرة التي أستغرب أنه لا زالت هناك إعلانات عنها في الصحف!! لابد من إجراءات دقيقة لمواكبة الخطة الطموحة التي وضعتها الوزارة في المنظومة التعليمية لحماية صحة أبنائنا جسدياً، وعقلياً، واجتماعياً، ونفسياً.. ونقابل رؤيتنا الطموحة 2030م بجيل المستقبل الذي نعول عليه في مقارعة الأمم المتحضرة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store