Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

إلهي: اشف كلّ مُتزهيمِر

A A
رغم التقدّم الطبّي الكبير حول العالم، واكتشاف أسباب الأمراض وتصنيع أدويتها، إلّا أنّ البشرية تبدو عاجزة أمام مرض الزهايمر العُضال أو خرف الشيخوخة، ذلك المرض التحلّلي العصبي المُزمِن الذي عادةً ما يظهر بطيئًا ويزداد سُوءًا بالتدريج مع مرور الوقت، ويبدأ بحدوث صعوبة في تذكّر المريض للأحداث التي تجري في حياته، ومع تقدّم المرض تحصل أعراضٌ تتضمّن مشاكل في اللغة، وتوهاناً وضياعاً، وتقلّبات في المزاج، وضعفًا في الدافِع، وعدم القُدرة على العناية بالنفس، ومع ازدياد سُوء حالة الشخص، فإنّه غالبًا ما ينسلخ من بيئة الأسرة والمجتمع، وقد يفقد المريض وظائفه الجسمية، ممّا يؤدّي في النهاية إلى الوفاة، وتختلف سرعة تقدّم المرض من مريض لآخر، إلّا أنّ متوسط العُمر المتوقع بعد تشخيص المرض يتراوح بين ٣ إلى ٩ سنوات، حسب تقارير المنظمات العالمية.

بالأمس كُنْتُ خارجاً من المسجد، فوجدْتُ أحد سُكّان الحيّ ممّن أعرفه قوياً وجلْداً ورزيناً يبكي كالأطفال، فسألته عن السبب، فأجابني والدموع تُذرفُ من عينيه بغزارة والهلع والحيرة يبدوان على وجهه، أنّه نسي شكْل حذائه وكلّ الذي يتذكّره عنه هو لونه الأسود، فألقيْتُ نظرة سريعة على الأحذية الموجودة فوجدْتُ معظمها أسود، فاستمرّ الرجل يبكي وهو يعتصر ذاكرته المريضة في محاولة يائسة لتذكّر شكْل حذائه، واعتصار ذاكرته قد صاحبه اضطراب شديد، ثمّ أخبرني حارس المسجد أنّ الرجل مُشخّص حديثاً بالزهايمر، وأنّه سيجعله ينتظر حتّى خروج كلّ المُصلِّين ليتمكّن الرجل من لِبْس الحذاء المتبقّي الذي يُفترض أن يكون حذاءه، ثمّ يُوصله لبيته ويُسلّمه لذويه لا سيّما وأنّه أضاع طريق البيت!.

ووالله وتالله وبالله، كِدْتُ أبكي مع الرجل، وشعرْت بألمه الذي لا يُطاق، فهو خليط من آلام نفسية وجسدية، وكيف لا وهو يعيش حالة وصفها الله عزّ وجلّ بأنّها أرذل العمر حيث لا يعلم المريض بعد علم شيئاً؟ ويُعاني انتكاسة كبيرة تحصل للمُعمِّرين إلّا من رحم الله، فاشفه يا إلهي، واشف كلّ مُتزهيمِر، وكلّ مريض من كلّ مرض، والعائلات التي اُبْتُلِي بعض أفرادها بهكذا مرض مدعوة للتثقف به للتمكّن من توفير حياة معقولة للمرضى، والصحّة تاج مرصّع على رؤوس الأصحّاء لا يراه إلّا المرضى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store