Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي أبو القرون الزهراني

العراق والحضن العربي..!

A A
.. لن نكون في حاجة إلى الكثير من الجهد في محركات البحث لمعرفة العراق مكانًا ومكانة وأدوارًا ومعطيات في العالم العربي والإسلامي، سواء عبر عمقه التاريخي أو في عصره الحديث.

يكفيه أنه كان ذات يوم عاصمة أكثر الدول الإسلامية أثرًا وتأثيرًا في الحياة البشرية، وكان واحدًا من أكبر الولايات في الدولة الإسلامية ورافدًا أصيلًا في منطلق الفتوحات الإسلامية، وكان مصدر إشعاع وتنوير في وقت شح على (شارلمان) فك رموز النهوض العلمي والمعرفي العربي والإسلامي..!!

*****

.. وأنت تقرأ في التاريخ الإسلامي لابد أن تأتي على ذكر الحجاج والمنصور وهارون الرشيد وزبيدة وأبي تمام والبحتري والرازي والخوارزمي..

وتتذكر بغداد وسامراء وغزوات الصوائف والشواتي ونحويات الكوفيين والبصريين.

مسميات كثيرة وكثيرة، ومواقف، ومعارك، ودور علم، ومجالس أدب.

باختصار: هنا العراق، هنا التاريخ والحضارة..

*****

.. وفي العصر الحديث ومنذ استقلال العراق في مطلع الثلاثينيات وهو يحاول بناء دولة نهضوية منفتحة وذات بنيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية، وكان في الخمسينيات وما تلاها يخطو خطوات واسعة حتى غدت بغداد واحدة من أشهر العواصم العربية والآسيوية اقتصاديًا.

وبرزت العراق ثقافيًا وعلميًا وأنجبت علماء في مختلف المجالات وعلى رأسها مجال الذرة والأبحاث النووية وبنت مفاعل تموز الذي دمرته إسرائيل عام 1981 كما أسست واحدًا من أكبر الجيوش وشاركت في الحروب العربية.

وخلاصة القول إن العراق كان لاعبًا مهمًا في الخارطة العربية وذو دور ريادي في العمل العربي سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا..

*****

.. ورغم التعدد الحزبي والطائفي والعرقي في العراق إلا أنه ظل متماسكًا ومحافظًا على قوته وبنيته الوحدوية حتى في عمق حربه مع إيران، إلى أن جاء عام 2003 الذي شهد الغزو الأمريكي واحتلال العراق وإسقاط نظامه بذريعة كذبة الأسلحة الكيماوية، وطيلة الوجود الأمريكي في العراق وإيران تبني مشروعها الفارسي القائم على اختطاف هويته العربية وسلب مقدراته وأذكت الصراعات الطائفية وأنشأت للمضي بقوة في هذا المشروع الحشد الشعبي ليكون ذراعها المتحكم في الساحة العراقية ولفرض سطوتها واستخدام ولاءات هذه الأذرع كورقة سياسية تلعب بها لصالح أطماعها وسياساتها..!!

*****

.. خلال هذه الفترة كان هناك مع الأسف ما يشبه الركود في العمل العربي لمواجهة المشروع الإيراني وهو ما جعله يتمدد ويتقوى على حساب دول المنطقة من جهة وعلى حساب استقرار العراق وأمنه وعروبته من جهة أخرى. لكن الدور السعودي كعادته يأتي طليعيًا ورياديًا في محيطه العربي والإسلامي فقامت بمحاولات شتى لجذب العراق إلى محيطه العربي ونجحت أخيرًا من خلال الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين والاجتماعات والتفاهمات والاتفاقات والاستثمارت وما تلاها من فتح الحدود، وكل ذلك فتح بابًا واسعًا لاستعادة العراق عربيًا مع الحرص على عدم توظيفه في النزاعات الإقليمية.

ثم تلا الدور السعودي القمة العربية الثلاثية (العراقية - المصرية - الأردنية) في بغداد وما رشح عنها من نتائج لتكون خطوة إلى الأمام في مزيد من تكريس العمل والعلاقات مع العراق عربيًا..

*****

.. من المتوقع أن إيران لن تسكت على هذا التوافق العربي العربي ولكن وجود تصميم وإرادة عربية يعتبر عملاً سياسيًا جيدًا في مواجهة المشروع الفارسي.

ما نحتاجه هو مزيدًا من العمل العربي الجماعي لإعادة العراق إلى جذوره العربية الأصيلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store