Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الراتب والتفّاح!!

A A
كلّ إنسان يُحبّ التفّاح، فهو أشهر الفواكه على الإطلاق، ومن أفضلها طعماً ومذاقاً، ومن أجملها شكلاً ولوناً، فهناك الأحمر القاني، والأخضر الزاهي، والأصفر الفاقع، والوردي الفاتن، وهو من أكثر الفواكه فوائد صحية حتّى قيل في الأمثال الإنجليزية: One apple a day keeps the doctor away، وترجمة ذلك بالعربي الفصيح: أنّ تفّاحة واحدة يومياً تطرد الطبيب بعيداً!. لكن تخيّلوا معي أنّ التفّاحة الواحدة تُقطف من شجرتها المُثمِرة نهاية كلّ شهر، ويأكلها شخص واحد فقط فيشبع ملء بطنه، وفي نهاية الشهر الذي يليه تُقطف تفّاحة ثانية بنفس حجم التفّاحة الأولى، ويأكلها شخصان فلا يشبع كلاهما إلّا بنصف بطن، وفي نهاية الشهر التالي تُقطف تفّاحة ثالثة بنفس حجم التفّاحة الأولى أو الثانية، ويأكلها ثلاثة أشخاص فلا يشبعون، ويحاول كلٌ منهم زيادة قطعة التفّاحة المُخصّصة له بحثاً عن الشبع الهنيئ المريئ، فما هو الوضع بعد ذلك؟ حتماً ستكون التفّاحة غير كافية للثلاثة أشخاص، وستصبح التفّاحة في حُكم المنتهية حال قطفها دون أيّ مبالغة!. كذلك الحال مع الراتب بوجود الغلاء الذي مسّ كلّ شيء، كلّ شيء بلا استثناء، ومشت مُوسُه الحادّة على ذِقْن كلّ شيء، وهي حادّة لدرجة أنّها تقطع جلد التمساح الضخم ذي الحراشف القاسية في الأمازون، بينما الراتب لم يزِدْ بمقدار أيّ شيء منذ سنوات طويلة، وأسرة صاحب الراتب تتكاثر مع الزمن، اليوم هو وزوجته فقط، وغداً هو وزوجته وطفل، وبعد غد هو وزوجته وأطفال كُثُر قد صاروا رحالاً ونساءً، ويكبر كذلك ما يحتاج كلّ فرد منهم في الأسرة من هذا الراتب، وكما تصبح التُفّاحة في حُكْم المنتهية حال قطفها يُصبح حال الراتب في حكم المنتهي حال استلامه، أو في أحسن الأحوال بعد مرور ربع أو نصف الشهر، سواءً كان شهراً ميلادياً أو هجرياً، والحلّ بعد تفشّي الغلاء وتغوّله هو ذو شِقّين: زيادة الراتب ومكافحة الغلاء في نفس الوقت، فلا زيادة وحدها تنفع مع تضخّم الغلاء، ولا مكافحة وحدها تنفع مع تواضع الراتب وانتمائه للماضي وبحثه عن ذاته في الحاضر والمستقبل، فأعنه يا ربّ وكُن له ولياً وعضداً ونصيراً.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store