Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

هل دخلت مصر في «حيطة سد» !

إضاءة

A A
تحدثت وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق المهدي في مؤتمرها الصحفي مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف، عن أن روسيا تستطيع إقناع أثيوبيا بتحكيم صوت العقل في ملف سد النهضة، وأن بلادها تسعى لتعزيز التعاون مع موسكو في مختلف المجالات، وأن الاتفاق على إنشاء مركز لوجيستي للبحرية الروسية في السودان سيكون مفتاح عمل إستراتيجي بين البلدين. والحق أنني تشوقت لسماع رأي لافروف في قضية السد، لكن الرجل بدا وكأنه لم يسمع الشق الخاص بالسد، فمضى يقول: إنه بحث مع نظيرته السودانية موضوع المركز اللوجستي وأن الرئيس فلاديمير بوتين أحال في يوليو الماضي، هذه الاتفاقية إلى مجلس الدوما للمصادقة عليها، وسينظر فيها المجلس بعد انتهاء إجازته. على أنه من غير المعقول أن يتصور أحد في مصر أن الوزيرة مريم ذهبت لموسكو من أجل موضوع النيل فقط، فقد قالت روسيا كلمتها في مجلس الأمن وسمعتها الوزيرة بالتأكيد. لقد ذهبت السيدة مريم للحصول على مزيد من الدعم للحكومة الانتقالية، وبحث مسألة المركز اللوجستي، فضلاً عن التعاون التجاري والاقتصادي، وهذا هو الطبيعي في جولة نوعية بهذا الشكل. قريباً من ذلك، مضى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الى بروكسل، حاملاً معه أوراق ملف سد أثيوبيا ضمن ملفات التعاون الثنائي مع الاتحاد الأوروبي. وبالتأكيد لن يسمع الوزير أكثر مما سمعه من بيان الاتحاد «المعقول والمقبول» نسبياً، وأكثر مما أكدت عليه مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد، من أن التوصل إلى اتفاق لحل أزمة سد النهضة يتطلب تنازلات من جميع الأطراف، وأكثر مما أعرب عنه مندوب فرنسا فرانسوا ديلاتر، من أن كل الأطراف في أزمة سد النهضة لديها مطالب مشروعة! والخلاصة أن الحل بعد مجلس الأمن، وقبل العودة للاتحاد الأفريقي وبعدها أيضاً سيظل مصرياً خالصاً، خاصة اذا أخذنا في الاعتبار أن مسببات القلق في الشقيقة السودان تختلف عنها في مصر!. ويبقى السؤال بالعامية المصرية «هل دخلت مصر في حيطة سد؟!»، والإجابة: حتى لو دخلت، لابد من الخروج بل واختراق هذا الحائط، وعدم الركون الى اليأس، والتوقف عن بث معاني ومصطلحات الإحباط والفشل والتشمت، من جهة، وأطروحات الصرف الصحي وتبطين الترع والتيمم بدلاً من الوضوء من جهة أخرى!. إن أخطر ما يواجه الأمم في حالات النزاعات ولا أقول الحروب، هو انقسامها بين فريقين، الأول يكتفي بالتقريع والتجريح والتعجيز، والآخر يمارس التهوين والتغطية حد التعمية، ناهيك عن الاكتشافات العلمية والهندسية المفاجئة! وحين يكون الحديث عن النيل، وعن الوجود، يصبح من الحكمة بث قيم التحفيز، والنخوة، والكرامة، والإعلاء من صوت الشعب، وعندها فقط سيتأكد مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي أن المسألة جد، وأن مصر تستطيع الخروج من أي «حيطة سد»!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store