Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

خصائص النمو لطفل المرحلة الابتدائية (1)

A A
بحوث علم النفس الحديث وتجاربه أدّت إلى نتائج هامة عن كل من خصائص نمو التلميذ، وحاجاته وميوله، واتجاهاته، وقدراته، ومهاراته، واستعداداته، وطبيعة عملية التعلم، وغيرها ممَّا يجب أن يُراعى في اختيار المواد الدراسية وميادين التعلم في كل مادة منها، وما يجب أن يُراعى في أوجه النشاط المختلفة التي يقوم التلاميذ بها في داخل حجرة الدراسة، أو في خارجها، وما يُراعى في الوسائل التعليمية، وطرق استخدامها، وما يُراعى في التوجيه اللازم والإرشاد الضروري.

فالمنهج الدراسي عليه أن يراعي الأسس الاجتماعية، والتغيرات الاجتماعية، كما عليه أن يُراعي نمو التلاميذ وحاجاتهم وميولهم واتجاهاتهم وقدراتهم ومهاراتهم، وجعل التعلم كأساس من أسس المنهج المدرسي.

وهذه الأمور جد هامة يجب مراعاتها في وضع المناهج الدراسية؛ لذا سأتوقف عندها لتوضيحها. ولنبدأ بـ: خصائص النمو النفسي لطفل المرحلة الابتدائية..

يقضي الطفل في المدرسة الابتدائية ست سنوات (يطلق عليها المشتغلون بدراسة النمو من علماء النفس مرحلة الطفولة المتأخرة)، وفي بداية هذه المرحلة يكون في سن السادسة يبدأ في الانتقال من بيئة المنزل إلى المدرسة، إذا لم يكن قد دخل الحضانة؛ لذا قد يعاني صعوبة انفعالية بسبب انتقاله من بيئة تجمع الأب والأم والإخوة، ويشعر فيها بالعطف والحنان والاطمئنان، إلى بيئة غريبة عليه غير مألوفة له، فالطفل في هذه المرحلة يحتاج إلى مزيد من التشجيع والحنان من مدرسيه أكثر ممَّا يحتاج طفل آخر التحق بالمدرسة في العام الماضي. [د.سعيد بامشموش، ونور الدين عبد الجوَّاد، التعليم الابتدائي «دراسة منهجية»، ص 42،43، دار الفيصل للمنشورات، ط1، سنة 1400هـ ـ 1980م.]

وتفيد الدراسات النفسية أنَّ طفل السادسة غير مستقر انفعاليًا، وقد تنتابه حالات نكوص عند تعرضه للخوف أو الإجهاد الشديد. ويمكن التغلب على صعوبة الانتقال لأول مرة من البيئة التلقائية في المنزل إلى البيئة الجديدة بما فيها من ضوابط ونظام، وذلك عن طريق استغلال ميول الأطفال في هذه السن إلى القصص والروايات الخيالية، وإلى اللعب، والقيام بأدوار البطولة، وتوفير المواقف التعليمية التي يتحملون عليها المسؤوليات الصغيرة التي تتلاءم مع درجة نضجهم، وذلك من خلال هذه القصص والروايات والألعاب [المرجع السابق: ص 43.]

ويلاحظ أنَّ طفل السابعة تزداد حساسيته لشعور الآخرين نحوه، ويغلب عليه عدم الاستقرار والميل إلى الثورة. وقد يستسلم لأحلام اليقظة، ويستغرق في الخيال، ويميل إلى نقد الذات، ويحاول الدقة في فعل الأشياء، كما يصبح لديه فهم مبدئي عن قيمة الوقت والنقود، ويصبح قادرًا على تحمل بعض المسؤوليات البسيطة، ويميل إلى المبالغة والاعتزاز بنفسه، وقد يؤدي ذلك إلى الطموح إذا وجد التشجيع والمكافأة، ولذا فهو يحتاج إلى الأمان، وإلى تقبل الذات. فقد أكدَّت الدراسة أنَّ الأطفال عمومًا ينمون بطريقة أفضل إذا ما تحققَّت حاجاتهم الأساسية للأمن والتقبل والنجاح.

وفي الثامنة تغلب الجرأة على الطفل، ويميل إلى الخيال، ويحب الاشتراك في الروايات، ويغرم بالبرامج التلفازية وأفلام السينما والمغامرات وجمع الأشياء. ويتمتع بطاقة نشاطية هائلة وتزداد اهتماماته وميوله، ويمكن استغلال ذلك في تعليمه أنماط السلوك المقبولة. ويلاحظ أنَّه في هذه يكره السيطرة ويحب جماعات الرفاق من نفس الجنس.أمَّا طفل التاسعة فيميل إلى الكمال، ولكنه يفقد الحماس بسرعة إذا لم يجد التشجيع والمكافأة، أو إذا تعرَّض لضعف أو إجهاد شديد ويحتاج الطفل في هذه السن، وما بعدها إلى التدريبات الرياضية التي تنمي العضلات، وإلى التدريب على المهارات المختلفة، ويميل إلى القراءة والاطلاع، وفي هذه السن يهتم الطفل بكل ما يحيط به من أشياء ممَّا يؤدي إلى كثرة الأسئلة الخاصة بالنمو الجسمي والجنسي بما يلائم سنِّه من غير خجل، أو انفعال، وخاصة من خلال المواد الدراسية المختلفة، كما تميز معظم الغرائز، فغريزة حب الاطلاع تحفز الطفل إلى الكشف عن معالم البيئة المحيطة، كما أنَّ غريزة الملكية تجعل الطفل شديد الحرص على الجمع والاقتناء، أمَّا عن الاهتمام بالجنس الآخر فهو كامن في هذه الفترة، وقد يكون موجهاً نحو نفس الجنس، فهذه مرحلة ميل الجنس للجنس، كما تزداد قدرة الطفل على نقد نفسه بنفسه، ويكون على أتم الاستعداد لتقبل النقد من الغير لا سيما إن كان عادلًا، أمَّا عن خصائص طفل الحادية عشرة والثانية عشرة فنشاهد غالبًا بعض التغيرات الجسمية والاجتماعية والانفعالية والعقلية التي تعد تمهيدًا لمرحلة المراهقة.[المرجع السابق: ص 44]

للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store