Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

خلَّهم (يعانون)..!

صدى الميدان

A A
* تعج كتب التربية بالمواقف، والنظريات التربوية، التي تتقاطع في مجملها مع تلك الصورة المثالية، التي ينشدها الآباء في أبنائهم، وهي صورة لا تأتي هكذا، دون أن يكون وراءها منظومة طويلة من الجهد في الإعداد، والصبر على طول أمد نضج الثمرة، إلى حيث ذلك النجاح، الذي يُعزى إلى الوالدين في المقام الأول، ثم إلى بقية منظومة البناء التربوي، التي تضيف على ذلك الجهد، وتعزز ما كان من (غراس) لدى الناشئة من قيم.

* وفي هذا فإن الإعداد لذلك الغراس (الطيب)، يأتي مبكراً، فاختيار الزوجة الصالحة أساس فيما يرجى من صلاح (الثمرة)، وهو صلاح يجب أن يتقاطع معه صلاح الزوج، فالزوجان شريكان في بناء شخصية الأبناء، وذلك لا يعني بالضرورة عدم نجاح أحدهما في ظل تقصير الآخر، إلا أن الجهد المبذول في تحقيق ذلك أضعاف ما لو كان (حمل) التربية مقسوم على اثنين.

* في وقت فإن مما (يُفرمل) ما يرجى من نتاج (يرفع الرأس) في تربية الأبناء، هو إصرار الوالدين أو أحدهما على أن يواجه الأبناء (الحياة) بكل ما فيها، وذلك يأتي تحت ذريعة أن مدرسة الحياة كفيلة بإعدادهم، كما عاش آباؤهم وأجدادهم، وهذا خطأ كبير، وقياس مع الفارق، سيما في هذا العصر، الذي تتعدد فيه معاول (الهدم)، تلك المعاول التي (تتصيد) بقصد أولئك الناشئة، من خلال تلك الهجمة (الشرسة) على منظومة القيم، والمثل، عبر ملايين من المواقع، والمقاطع، وتطبيقات الألعاب، ومشاهير الفلس والفراغ.

* كل ذلك يتم في وقت حرج في بناء شخصية الأبناء، فالذي يحصل عندما يتخلى الوالدان عن دورهما، أن تتولى تلك (المعاول) الهادمة أمر تشكيل شخصية الناشئة، وهو ما يفسر كل ذلك الاندفاع المهول من خلال كم المشاهدات، والمتابعين لما يروجون له، وبما يمكن من خلاله قياس مدى نجاح القوى (الهادمة) في تحقيق أهدافها، وبأسلوب (ناعم)، وصلوا به إلى حيث غرف الأبناء، وبما يجعلهم (أسرى) لذلك العالم الافتراضي، الذي أفرز العديد من المشاكل الصحية، والنفسية، التي هي نتاج ما يعيشه الأبناء اليوم من عزلة وتوحد. * فضلاً عن غياب (القدوة) في حياتهم، عدا من اتخاذهم قدوات من (الفارغين)، وهذا جانب خطير يغفل عنه الكثير من الآباء، وهنا موطن (قياس) أضعه أمام الآباء للوقوف على ما يعيشه الأبناء اليوم من واقع غربة، هي صناعة قنوات (السوشيال ميديا)، أسهم في ذلك بدون شك (تخلي) الوالدين أو أحدهما عن دوره في تربية أبنائه؛ لأسباب كثيرة أشدها مرارة أن يحيل الآباء أمر تربية أبناءهم إلى مدرسة الحياة، دون أن يعيروا اهتماماً لواقع أن الحياة غير الحياة، وأن من يقف أمام الناشئة اليوم جاء (قصداً)؛ ليجعل من قناعة بعض الآباء في تربية أبنائهم: (خلَّهم يعانون) واقعاً، ولكن ليس كما هو سمو ما كانوا يقصدون.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store