الكتابة عن مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية لها شجون في مكة المكرمة البلد الآمن، والبيت المعمور، وقبلة الدنيا، وقصة الحب النادرة التي نعيش تفاصيلها في مهوى الأفئدة، إنه الحب الذي يجعل قلوب المؤمنين في حالة اتصال دائم مع رب العباد، ويجعل الاطمئنان يُغلِّف قلوب كل من يقصد الروحانية والسكينة والهدوء ويرجو رحمة ربه وغفرانه، وكأنها الهدايا التي تأتي دون موعد، وتترك الأثر الجميل في ثنايا الروح، هدايا رب العالمين التي لا تنفد، وتحقق الأمنيات الكثيرة، فنحن العباد الفقراء نرفع أكفنا في فضاء رحمته وقلوبنا تدعو، ووعده هو الحق المبين.
واليوم أتحدث عن دراسة تستحق الإشادة للدكتور حسن مختار عن -مكة المكرمة أحب أرض الله إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتناولت الدراسة التاريخ الحضري والاجتماعي، وقد أسس المؤلف تلك العلاقة بين الإنسان والبيئة وهذا كان مثلاً للتفاعل بين الثقافة والحضارة والمجتمع، وذكر الدكتور مختار نقطة مهمة وهي -أن بعض المفكرين يعتبرون أن الثقافة والحضارة شيء واحد ويتناولون عرض أفكارهم على هذا الأساس بينما لو نظرنا لمفهومي الثقافة والحضارة بشئ من العمق والتحليل لوجدنا تمايزاً بينهما في الخصائص والمكونات.
حقيقة المؤلف ذكر كثيراً من نواحي الحياة الاجتماعية في مكة المكرمة ومن إضاءاته عليها (حارة الشامية) نموذجاً.. يقول الدكتور حسن: «الحديث عن الشامية وحكاياتها يطول ولن ينتهي سردها وكانت الحياة الاجتماعية تنبض في عروقها طوال التاريخ الماضي وأقيمت في الشامية مطبعة لأول صحيفة وهي البلاد، وفي الشامية قلعة جبل هندي التي حولت لمركز تعليمي لطلاب العلم في عهد المؤسس رحمه الله وهناك أحداث في ذاكرة هذه المنطقة منها حريق الشامية وإزالة كامل سوق سويقة لصالح توسعة الحرم المكي الشريف ومشروع توسعة الطرق. الكتاب يتناول الحكواتي في تراث المكيين ومظاهر شهر رمضان وعيد الفطر والموروث الشعبي في الحج والخدمات والرعاية الصحية وكثيراً من الإضاءات.
بكل شفافية الكتاب يستحق أكثر من مقال لما يحتويه من معلومات عن الحياة الاجتماعية والحضارية في تلك الفترة.. فبكل كلمات التقدير.. شكراً للدكتور حسن مختار٠
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
