Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

مملكة الرجاء في زمن الوباء

A A
في عديد من بلدان العالم الثالثة خاصَّةً، يلجأ الحكَّام لفرض إقامة جبريَّة على معارضيهم السياسيِّين للحدِّ من نشاطهم الاجتماعي. وعلى غير ما يرغبون، قد يؤلِّب هذا الإجراء الرأي العام عليهم، ويزيد معارضيهم قوَّة وشعبيًّة.

أمَّا الإقامة القسريَّة التي فرضها فايروس كوفيد- 19 فهي أشدُّ قسوة وإيلامًا حتًّى من السجن الانفرادي المحدَّدة مدَّته، ليخرج السجين من الزنزانة لممارسة حياته الطبيعيَّة.

ومع تطوُّر هذا الفايروس المتواصل وما قد يستجدُ بتحليلات المختبرات الصيدلانيَّة، ممَّا يتيح لها فرصًا لإنتاج اللقاح، وللشركات العالميَّة بتسويقه بالسعر والكميَّات التي تحدِّدها مصالح الدول الكبرى المتحكِّمة باقتصاد العالم!

- ومع تقدير ما تخوضه دول العالم الواحدة تلو الأخرى من معارك لمكافحة انتشار العدوى، وفرضها تدابير وقائيَّة لإجبار السكَّان على التباعد الاجتماعي، وضخِّها المال لتحقيق استقرار الأسواق، أصبح مصير الاقتصاد العالمي يتَّسم بالغموض إلى حدٍّ غير مسبوق. وقد بدأ الخبراء يحدَّدون فرص كلِّ دولة في استعادة عافيتها بعد انحسار الوباء، وأيَّ الدول تمضي بقوَّة على طريق الانتعاش الاقتصادي.

وقد صنَّفت مؤسَّسة «إف إن غلوبال- F. N. Global» للتأمين، دول العالم بحسب قدرة بيئتها على ممارسة الأعمال والتكيُّف مع الأزمات، وفق مؤشِّر المرونة الاقتصاديَّة العالمي لعام 2019، قياسًا ببعض العوامل، مثل الاستقرار السياسي، والأطر والقواعد التنظيميَّة التي تضعها الحكومة لإدارة الشركات والرقابة عليها، وبيئة المخاطر واستقرار سلسلة التوريد والشفافية.

إضافة إلى مدى سرعة استجابة الدول للتعامل مع أزمة تفشِّي فيروس كورونا _ كوفيد- 19.

تعدُّ المملكة العربيَّة السعوديَّة في طليعة الدول التي تنبَّت الإجراءات الاحترازيَّة وطبَّقت التدابير الوقائيَّة واستشعرت الخطورة الكامنة من هذا التفشِّي الذي فعلًا تحوَّل لجائحة عالميَّة خلال وقت زمني قصير.

لم تقتصر جهود المملكة في مواجهة هذه الجائحة على المستوى المحلِّي فقط، لكنَّها تجاوزته إلى المستويات العالميَّة، موازيًا ثقلها السياسي والاستراتيجي والاقتصادي، ويظهر ذلك جليًّا في الدور القيادي للمملكة في رئاسة مجموعة العشرين لهذا العام 2020.

كما أشادت عدَّة جهات وقنوات عالميَّة بما حقَّقته المملكة على المستويين الوطني والدولي لتعزيز الاستجابة، وتطوير طرق العلَاج، وضمان توفير المعدَّات الوقائيَّة، ومبادرتها بالدعم المادي بخمسمائة (500) مليون دولار لمساندة الجهود الدوليَّة في التصدِّي للجائحة.

يأتي هذا الدعم تلبية لالتزام المملكة بتمويل المنظَّمات الدوليَّة حسب الاتفاقيَّات المعلنة في القمَّة الاستثنائيَّة لقادة (مجموعة العشرين) التي دعت لها المملكة.

وبسبب ما لدى المملكة العربيَّة السعوديَّة من خبرات متراكمة عبر السنين في إدارة المخاطر، وتقييمها المستمر لضمان الأمن الصحِّي الوطني والعالمي، وأمن الحجَّاج والمعتمرين والزوار وسلامتهم كلَّ عام، وتطوير منظومة صحيَّة عالية الكفاءة.

ولما لها من تجارب سابقة في مواجهة وباء (متلازمة الشرق الأوسط التنفُّسيَّة)، فقد اتَّخذت المملكة العديد من التدابير والإجراءات الاحترازيَّة المبكِّرة على أعلى المستويات المبنيَّة على البراهين العلميَّة والتجارب التي أهَّلتها لتصبح مرجعًا لـلجهود المبذولة على كلِّ الأصعدة، ولتظلَّ دروسًا مستفادة محلِّيًّا وعالميًّا، وذلك التزامًا بما روي عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: (اللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store