Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

إنه العلم يا جهلة

A A
الخلاف السياسي الحاد في الولايات المتحدة الأميركية بين اليمين واليسار والتطرف الذي أدى إليه هذا الخلاف، أدى إلى إضفاء ضبابية على قضايا هامة في حياة الناس في مختلف أنحاء العالم.

وأصبحنا نتشكك في كل ما يصدر من أميركا وخبرائها وكتابها ومحلليها. إذ أصبح الكثيرون ينظرون الى الخلاف القائم حول ظاهرة التغير المناخي ومرض كورونا المنتشر عالمياً كحالة من عدم الصدقية في أي من التحليلات العلمية وأنها متأثرة بنظرة سياسييها لمؤلفيها من اليمين أو اليسار. وتجمع المحافظون أي اليمين تحت راية الحزب الجمهوري بينما التف اليسار الأميركي حول الحزب الديمقراطي. وأصبح كل فريق يتهم الآخر بأنه السبب في أخطاء أميركا وفشلها في المجالات التي يتم انتقادها. وكمثال أخير فوجئت قبل بضعة أيام وأنا أشاهد حلقة إخبارية على التلفزيون عما يحدث في أفغانستان وفشل استراتيجية انسحاب إدارة بايدن من البلاد بأن يتحدث ضيف أميركي كان مستشاراً في إدارة أوباما مدعياً أن سبب انتصار طالبان هو السياسة الخاطئة لإدارة دونالد ترمب حين حصرت محادثات السلام في الدوحة فيما بين طالبان وأميركا واستبعاد حكومة كابول منها، مع أن المحادثات كانت متواصلة منذ تولي إدارة بايدن وحتى خروج الأميركيين من أفغانستان.

وهو أمر يؤدي الى سوء الظن بمن يديرون السياسة في واشنطن. قضيتا المناخ وكورونا مهمتان لنا جميعاً، ونريد أن نعرف حقيقة ما الذي يتسبب في كل منهما، وكيف يمكن مواجهته. ففي حالة المناخ نشاهد الحرائق التي حدثت مؤخراً في العديد من دول العالم وحصدت أرواح العديد من الناس. علماً بأن ظاهرة الحرائق التي تسببت فيها التغيرات المناخية تحدث منذ عشرات السنين في ولاية كاليفورنيا الأميركية ومناطق أخرى من العالم. ونريد أن نعرف صدقية ما يتحدثون عنه من أن الظاهرة المناخية هي من فعل الإنسان وأن استخدام البترول، مثلاً، يؤدي الى جعلها أكثر سوءاً وأن العالم بطريقه الى نهايته، كما قال تقرير أخير للأمم المتحدة تم نشره الأسابيع الأخيرة.

وهل الحل هو تقليص استخدام الوقود الأحفوري أو إلغاء الاستعانة به أم أن مثل هذا الكلام يستهدف إضعاف دول البترول ودورها العالمي وخلق اقتصاد دولي مختلف بعيداً عن البترول ومشتقاته.

وكذلك الأمر مع جائحة كورونا. ماهي الحقيقة خلف هذا الوباء؟ وماهو مصدره؟ هل الخفافيش فعلتها في البشر أم أن معمل ووهان بالصين هو المسئول عن تسريبها؟

وهل الصينيون صادقون عندما يقولون أن خفافيشهم وليس معملهم مسئولة عن الوباء أم أن تشكيك الأميركان في هذا الأمر في محله؟.. نحن نريد أن نعرف بعيداً عن السياسة الدولية.. كيفية علاج الإصابة بكورونا هل هو ما نسمعه ونقرأه في وسائل الإعلام أم أن اليمين الأميركي المشكك في ذلك هو الأكثر دقة.

ويقول هؤلاء أن الرئيس السابق دونالد ترمب أصيب بالوباء وخرج منه متعافياً. بينما نشهد نحن مئات الآلاف ممن يصابون يسقطون موتى. وهم يدعون أن هناك مبالغة في إعلان النتائج وأن هناك مؤامرة يقودها اليسار ضد بلادهم وبلدان أخرى.

وفي حالتي المناخ والوباء يؤكد اليسار الأميركي أن الذين يشككون فيما يعلن هم أناس لا يعلمون لأن النتائج المعلنة مبنية على (العلم - science)، ويؤكدون في تصريحاتهم المتحدية للرأي الآخر (It›s science) أي أنه العلم وتبين دراسات قامت بها مؤسسات أميركية أن المنكرين لما تقدمه وسائل الإعلام من أسباب للتغير المناخي وانتشار وباء كورونا هم، على الأرجح، من مستوى تعليمي متدنٍ أو أنهم أكثر تديناً.

وكلما أسمع التبرير المكرر عن (إنه العلم) أتذكر عنوان مسرحية مصرية قديمة للفنانين محمد صبحي ومحمود المليجي وهناء الشوربجي تقوم على اكتشاف علمي عن أن جزءاً من مخ الإنسان يحدد مستوى ذكاء الإنسان وأنه إذا أجريت عملية لإنسان غبي سيؤدي ذلك الى ارتفاع مستوى ذكائه ويتولى طبيب المسرحية فريد (محمود المليجي) العملية وتأتيه ابنته المساعدة له (هناء الشوربجي) بشخص متخلف عقلياً يدعى سطوحي (محمد صبحي)، يتم إجراء العملية عليه بنجاح. وعنوان المسرحية هو (انتهى الدرس يا غبي). ولذا أجدني أضيف لعبارة (إنه العلم) التي يكررها اليسار الأميركي (إنه العلم.. أيها الجهلة).

على كل حال أعتبر نفسي من (الجهلة) في هذا الأمر وليت أتباع العلم الأذكياء يخرجون علينا بإجابات تحسم الأمر بعيداً عن معترك سياستهم الداخلية. وقد يعيد هذا بعض الثقة في صدقية الساسة الأميركيين على المستوى العالمي خاصة بعد فضيحة أفغانستان.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store