Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

صدارة سعودية في ريادة الأعمال

A A
نجاحات متلاحقة حققتها المملكة خلال الأيام الماضية بحصولها على المركز الأول على مستوى العالم في أربعة مجالات متعلقة بدعم الشباب، وتأتي تلك النجاحات في الوقت الذي احتفل فيه العالم يوم السبت الماضي باليوم العالمي لريادة الأعمال. ذلك الإنجاز يؤكد حجم الجهد الذي تبذله الدولة لمساعدة أبنائها على بدء مشاريعهم الخاصة والدخول إلى مجال العمل الحر وعدم انتظار الحصول على وظائف حكومية، إضافة إلى ما تمثله المشاريع الصغيرة والمتوسطة من فرص حقيقية تدر مستويات عالية من الدخل، وهو التوجه الذي تتبناه معظم الدول التي حققت النهضة وقطعت خطوات كبيرة في مجال التطور والنماء. ففي اليابان على سبيل المثال يحقق هذا القطاع ما يقارب 70% من معدل الناتج الإجمالي للدولة، وكذلك الحال في الصين وماليزيا وكوريا وسنغافورة وغيرها من الدول.

المجالات الأربعة التي حققت فيها المملكة المرتبة الأولى هي مؤشرات (توفر الفرص الجيدة لبدء عمل تجاري)، و(سهولة البدء في عمل تجاري)، و(استجابة رواد الأعمال للجائحة)، و(استجابة حكومة المملكة للجائحة)، وذلك وفق معايير دقيقة وصارمة يحددها المرصد العالمي لريادة الأعمال، الذي يهتم بقياس مدى اختلاف مستويات تحفيز ريادة الأعمال ونشاطها في العالم، حيث نالت المملكة تلك المراكز المرموقة من بين 45 دولة حول العالم.

لم تقتصر مسيرة التفوق السعودي على ذلك، بل شملت ستة مجالات أخرى، حيث نالت المرتبة الثانية في مؤشري (امتلاك المهارات والمعرفة لدى الأفراد)، و(البنية التحتية)، إضافة إلى المرتبة الثالثة في مؤشريْ (سهولة الحصول على تمويل للشركات ورواد الأعمال) و(سهولة الدخول وديناميكيات السوق)؛ والمرتبة الرابعة في مؤشري (دعم الحكومة للأعمال) و(قلة العوائق وسهولة الأنظمة للدخول للأسواق).

هذا التفوق لم يأت بطريق المصادفة أو الحظ، بل كان نتاجاً لعمل دؤوب وتخطيط علمي ومتابعة دقيقة، بهدف تطوير الأداء والقدرة على المنافسة العالمية، مع الأخذ في الاعتبار الواقعية ومراعاة الظروف الحالية والتحلي بأكبر قدر من الطموح، وعدم الركون إلى أحلام اليقظة. لذلك ظلت الوصفة السعودية متميزة، بسبب ملامستها للحقائق ورغبتها في تحقيق النجاح، بعد أن توفرت إرادة صلبة وعزيمة لا تلين.

ومما يزيد من عظمة هذه المنجزات أنها أتت في خضم جائحة كورونا التي يعيشها العالم حاليا، والتي تأثر معها الاقتصاد السعودي كغيره من بقية دول العالم، ولكن على الرغم من ذلك تصدت الدولة للقيام بدورها وقدمت الكثير من حزم الدعم المختلفة للقطاع الخاص، وأنفقت في سبيل ذلك مئات المليارات، مما كان له الدور الأكبر في تجاوز آثار الجائحة، وهنا يبدو بشكل واضح التأثير الإيجابي للتخطيط العلمي السليم الذي تتبعه المملكة في جميع شؤونها، والذي قاد إلى تحقيق تلك النتائج، حيث لم تتأثر المشاريع الحيوية بإغلاق الاقتصاد الذي استمر لشهور عديدة.

ومنذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، فقد عنيت المملكة بعنصر الشباب وأولته جل تركيزها وجعلته محور خططها وبرامجها التنموية، وقد تعاظم ذلك الاهتمام خلال العهد الحالي الزاهر، لاسيما بعد إقرار رؤية المملكة 2030 التي أفردت مساحات واسعة لمجال ريادة الأعمال وأولته عنايتها القصوى، رغبة في توفير فرص عمل حقيقية للشباب، والحد من الاعتماد على القطاع العام كمصدر رئيسي للتوظيف، واستنباط موارد دخل متجددة توفر البديل الأمثل المستدام.

لذلك ركزت برامج الرؤية على إزالة العقبات التي كانت تعترض طريق الشباب الذي يرغب في ولوج هذا العالم، وقامت بتأسيس بنك متخصص يتولى توفير التمويل اللازم لهم، إضافة إلى قيام الغرف التجارية بدور كبير يتمثل في توفير دراسات الجدوى الاقتصادية والاستشارات الإدارية والمالية وبرامج التدريب العملي التي تأخذ بأيدي الشباب إلى شواطئ الأمان والنجاح. لكل ذلك لم يكن مستغرباً أن تتحقق هذه النجاحات المتلاحقة، بل إن التفوق يعتبر نتيجة طبيعية بعد أن اكتملت أركانه، وتوفرت شروطه.

حتماً فإن ما تحقق ليس نهاية المطاف، وليس آخر التطلعات، فالآمال معقودة على تحقيق المزيد من التقدم، وهناك فرصة كبيرة لإنجاز الكثير، عطفاً على الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للقطاع الخاص بكافة فئاته ومستوياته، والتوجه الكامل نحو الخصخصة، ليصبح هذا القطاع هو رائد التنمية وقائد الاقتصاد الوطني، لتتفرغ الدولة لمهامها الأخرى المتمثلة في الإشراف والتوجيه والرعاية.

ومما يزيد من الآمال بتحقيق نتائج إيجابية إضافية هو أن خطط دعم الشباب وتشجيعهم على ولوج عالم ريادة الأعمال، والتي عملت عليها الدولة خلال الفترة الماضية سوف تظهر آثارها ونتائجها خلال الفترة المقبلة، ليحصد الشباب ثمار جهود عكفت عليها قيادتهم الرشيدة التي لم تتأخر عنهم يوماً ولم تتردد في تقديم كل ما يصب في مصلحتهم وينعكس خيراً على مستقبلهم.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store