Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

النهوض ببرامج الماجستير والدكتوراة

A A
معلوم أن نهوض دول العالم قاطبة مرهون بالنهوض ببرامج التعليم عامة والتعليم العالي خاصة الذي يهيىء لكل دولة العلماء والمفكرين والمبدعين والباحثين المجددين الذين يرتهن بكشوفهم العلمية التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

وذلك لا يتحقق إلا بالتوسع في برامج التعليم العالي عموماً والدراسات العليا خصوصاً، بزيادة مطردة في برامج الماجستير والدكتوراه في كل التخصصات التطبيقية والنظرية إن جازت التسمية، وهو ما تحرص عليه كثيراً الدولُ المتقدمة التي تنفق بسخاء كبير على برامج الدراسات العليا فيها وتتيح الفرصة لأكبر عدد من الطلاب للالتحاق بها. وهو ما يدعو دون شك إلى ضرورة أن نعيد النظر ونتوسع في برامج الدراسات العليا المتوفرة ولله الحمد في كل الجامعات السعودية دون استثناء، حكومية وخاصة.

وأكاد أجزم بحكم خبرتي الطويلة في الدراسات العليا عموماً وفي جامعة الملك عبدالعزيز خصوصاً، وعملي وكيلاً للدراسات العليا والبحث العلمي، أكاد أجزم بأنه لا يوجد تخصص علمي تطبيقي أو نظري مهما كان نادراً إلا وله برامج في الجامعات السعودية في الوقت الحاضر ولله الحمد.

ويشمل ذلك مرحلة البكالوريوس، ومرحلتي الماجستير والدكتوراه، كما يشمل التخصصات الطبية والهندسية والحاسوبية والعلمية التطبيقية عموماً، إضافة بالطبع إلى التخصصات الإدارية والقانونية والإنسانية التي بلغت فيها برامج الدراسات العليا في جامعاتنا شأواً كبيراً ولله الحمد، ومضى على تأسيسها أكثر من أربعين سنة إن لم يزد، وقد حضرت مناقشة لأول رسالة دكتوراه في المملكة في جامعة أم القرى قبل حوالي أربعين سنة تقدّم بها الدكتور شرف الشريف.

وإن كانت البرامج جميعاً موجودة فما الذي ينقصنا؟.. لا ينقصنا في الواقع إلا التوسع فيها من حيث زيادة التخصصات الدقيقة من جهة، وزيادة أعداد المقبولين من جهة أخرى، فمعلوم أن من يُقبَلون في بعض برامج الماجستير والدكتوراه لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة.

وقد يكون السبب في ذلك عدم كفاية الأساتذة والأساتذة المشاركين الذين يدرِّسون المواد ويشرفون على الرسائل.

ولحل هذه المشكلة ينبغي الحرص على الكفاءات العلمية السعودية الكبيرة وعدم التفريط بالأساتذة بمجرد بلوغهم سن الستين وإحالتهم للتقاعد وهم في أوج عطائهم وقمة نضجهم العلمي والأكاديمي، علماً بأن سن الستين بالهجري تعادل الثامنة والخمسين بالميلادي، وعلماً أيضاً بأن جامعاتنا هي الجامعات الوحيدة في العالم التي تستغني عن أساتذتها إذا بلغوا الستين، وسنُّ الخدمة للأساتذة مفتوح في كل جامعات العالم إن كان الأستاذ قادراً على العطاء حتى بعد الثمانين.

ولابد لنا من إعادة النظر في آلية التمديد والتعاقد مع الأساتذة الكبار بأن نخطب ودَّهم ونطلب منهم أن يستمروا في عطائهم لا أن نلزمهم بتقديم طلبات للتعاون أو التعاقد أو التمديد وقد تُقبل أو لا تُقبل. بينما تسافر لجان للتعاقد مع أساتذة في دول عربية وأجنبية لتطلب من أساتذة أجانب أن ينضموا إلى الجامعات السعودية برواتب كبيرة وميزات مادية مغرية.

وكل هؤلاء يقلون عن الأساتذة السعوديين المتقاعدين كفاءة وتأهيلاً، ناهيك عن ولاء السعوديين لوطنهم وأبناء وبنات وطنهم، وناهيك عن أن رواتب التعاقد معم أقل بكثير مما يحصل عليه الأستاذ الأجنبي.

ولابد من أن تُدعم كذلك عمادات البحث العلمي في الجامعات بما يتيح للأساتذة إجراء بحوث علمية رصينة في كل التخصصات تزيد من تأهيلهم العلمي، وتفيدهم في تقديم أحدث الكشوف العلمية في تدريسهم للطلاب. والتوسع في برامج الدراسات العليا يغنينا عن آلاف البعثات إلى كندا وغيرها، ولا يعني ذلك أبداً الاستغناء عن الابتعاث بشكل عام في تخصصات بعينها وإلى دول بعينها مع وجود البديل الوطني عالي الجودة على الدوام.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store