Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الثروة المعدنية.. وقود الطفرة المقبلة

A A
قطعت المملكة خطوة بالغة الأهمية في سبيل استغلال ثرواتها المعدنية الهائلة التي تذخر بها أراضيها، وبدأت في إجراء المسح الجيوفيزيائي الجوي للدرع العربي، الذي سيتم تنفيذه على ثلاث مراحل تستغرق ستة أعوام، بحيث يتم في البداية إجراء المسح على معظم المناطق لجمع البيانات الأساسية والضرورية وذلك على مدى ثلاثة أعوام، يتم بعدها الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تركز على ثلث المساحة لمدة عامين متواصلين، وفي المرحلة الأخيرة التي تتطلب عامًا واحدًا فسوف يتم توجيه الاهتمام نحو بعض المناطق المستهدفة بالدراسة وجمع البيانات، وذلك حسبما أكده نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر.

هذه الخطوة التي طال انتظارها يتوقع أن تسفر عن اكتشاف كميات هائلة من معظم المعادن، حيث تشير دراسات وعمليات مسح أجريت في الفترة الماضية إلى أن باطن الأرض السعودية يحتوي على ثروات ضخمة يمكنها أن تغير شكل الحياة، ليس في المملكة لوحدها، بل في كافة المنطقة، عطفًا على النتائج الهامة التي تم التوصل إليها والتي تشير إلى وجود ما لا يقل عن 80 نوعًا من المعادن، لم يتم استخراج سوى 8% حتى الآن، وأن قيمة تلك الثروات غير المستخدمة والتي تم التأكد من وجودها فعليا يتجاوز 5 تريليونات ريال، ناهيك عن التي سوف يتم اكتشافها خلال عمليات المسح الحالي.

وأشار كثير من الاختصاصيين في مناسبات متكررة إلى أن قيمة المعادن الموجودة في المملكة يمكن أن توازي قيمة النفط، إن لم تتجاوزها، وأنها يمكن تشكل مصدر جذب هائل للاستثمارات الأجنبية بواسطة الشركات العالمية التي تعمل في هذا المجال، إضافة إلى أنها سوف تساعد على توفير مبالغ مالية طائلة كانت تذهب خارج المملكة لاستيراد تلك المعادن الضرورية لتحقيق نهضة عمرانية وصناعية شاملة.

إضافة إلى ذلك فإن تكثيف العمل على استغلال الثروة المعدنية لا شك سوف يترتب عليه توفير أعداد هائلة من الفرص الوظيفية للشباب، لأن الكثير من الشركات سوف تدخل السوق السعودي للعمل في هذا المجال، وهو ما يسهم في تقليل نسبة البطالة بشكل كبير.

هذه المناشدات التي صدرت عن خبراء متخصصين وجدت اهتمامًا كبيرًا في مضامين رؤية المملكة 2030 التي نادت بتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على البترول كمصدر وحيد، واستغلال كافة الثروات الموجودة، وذلك لضمان التنمية المستدامة لكافة الموارد، حتى لا تتعرض للاستنزاف، وتتمتع بها الأجيال اللاحقة.

كذلك من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تترتب على الاستغلال الأمثل للمعادن أنه يعني بالضرورة توزيع الثروة على مناطق المملكة المختلفة، لأنه لا تكاد توجد محافظة تخلو من احتياطيات المعادن، لذلك دعت الرؤية بصورة واضحة إلى أن تكون الأولوية لتنمية المناطق التي توجد بها تلك الثروات.

لم تكتف الرؤية بذلك بل عملت على إيجاد بنية تحتية جاذبة للشركات العالمية، تتمثل في توفير كل العوامل والمعطيات التي تتعلق بالتنظيم والتشريعات والقوانين المنظمة للعمل، إضافة إلى إتاحة البيانات والمعلومات الجيولوجية الدقيقة التي تعين على استكشاف واستخلاص جميع أنواع المعادن في أراضي المملكة.

ضمن تلك الجهود قامت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بإعداد مشروع معدل لنظام الاستثمار التعديني، لفتح المجال أمام المستثمرين والقطاع الخاص للاستفادة من الفرص المتاحة، وتم وضع القانون على الموقع الإليكتروني للوزارة.

هذه الجهود لم تقم على مجرد أمنيات أو توقعات، بل اعتمدت على إحصاءات حقيقية وواقعية، حيث يقدر حجم الاستثمارات الحالية في قطاع التعدين بحوالي 180 مليار ريال ويجري العمل على مضاعفتها بنسبة 150% قبل حلول عام 2030، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي ما يعادل 4 أضعاف وضعه الحالي ليصل إلى 287 مليار ريال.

في منطقة نجران على سبيل المثال تؤكد الدراسات الجيولوجية توفر فرص واعدة في مجال التعدين، حيث توجد بها كميات هائلة من المعادن التي تبشر بإمكانية وجود استثمار كبير في هذا المجال، إذا تم استغلال تلك الثروات بالشكل الاقتصادي الأمثل.. لذلك بادرت إمارة المنطقة في مرات عديدة بدعوة رجال الأعمال والشركات المختصة من داخل المملكة ومن خارجها للاستفادة من التسهيلات المقدمة.

ويولي أمير المنطقة صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، اهتمامًا واضحًا لتسريع استغلال تلك الثروات، بالشكل الذي ينعكس رفاهية وخيرًا وتقدمًا على مواطني المنطقة والمملكة بشكل عام.. لذلك قامت الإمارة بإنشاء 17 مجمعاً تعدينياً بمواصفات عالمية متطورة، وتوفير المعلومات الضرورية اللازمة لإيضاح أماكن هذه الخامات والأعماق التي توجد فيها، كنوع من المساعدة والتسهيلات لشركات التعدين.

هذه الجهود التي تتم على كافة المستويات لرفع مستوى الدخل وتحقيق النهضة الشاملة في البلاد سوف تؤتي أكلها بإذن الله في القريب العاجل، لتثبت قدرة إنسان هذه البلاد على الإنجاز، وستصنع الفارق الذي يشعر به المواطن في معيشته وينعكس على كافة أشكال الحياة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store