نحمد الله عز وجل على النعم والثروات التي منحها للمملكة العربية السعودية وعلى رأسها ثروة النفط الذي غيّر من نمط الحياة الصحراوية البدوية التي عاش سكانها على الزراعة تحت رحمة الأمطار والسيول لتأمين الغذاء والمتاجرة بالفائض منه والرعي بالأغنام والإبل لتأمين غذائهم من اللحوم والمتاجرة بها، وبعد اكتشاف ثروة البترول وبحسن إدارة القيادة السعودية لموارد البترول والغاز لتطوير الوطن شعباً وأرضاً ابتداءً من تعليم الشعب وبناء البنية التحتية لبناء الاستثمارات بأنواعها، وهي إنجازات عظيمة تحولت مدن المملكة وقراها إلى مدن حديثة حضارية، وبعد مرور أكثر من نصف قرن تستمر الاستكشافات لمزيد من الآبار البترولية واستكشافات الغاز في الساحل الغربي للمملكة بالإضافة إلى الساحل الشرقي ثم تبدأ مرحلة جديدة من الاستكشافات لثروة المعادن والتي بدأت إنتاجها من نصف قرن إلا أنها تطورت مع تطور وسائل وطرق الاستكشاف الجديدة والاقتصادية لأنواع عديدة من المعادن والتي لولا البنية التحتية الضخمة لما استطعنا استخراجها ونقلها من مواقعها الى موانئ التصدير أو مراكز تصنيعها، ويأتي على قائمة المعادن الفوسفات في الشمال وفي الغرب والألمنيوم في القصيم وحائل.
وقبل هذه المعادن كان الذهب هو أول المعادن الثمينة المكتشفة فكان منجم مهد الذهب أهم مصادر الذهب آنذاك، ويعود تاريخه إلى حوالي 5000 سنة منذ عهد نبي الله سليمان وكان معروفا في العهدين الأموي والعباسي قبل 1300 عام، وتعددت الاكتشافات للذهب في مناطق متعددة في المملكة وأقيمت المشاريع العملاقة لاكتشافه واستخراجه وتصنيعه حتى تم اكتشاف منجم (منصورة ومسرة) للذهب في محافظة الخرمة في منطقة مكة المكرمة، الذي يتوقع تشغيله بالكامل في منتصف (2022م)، أحد أهم مشاريع مناجم الذهب في المملكة إذ تصل طاقته الإنتاجية الى 250 ألف أونصة من الذهب والفضة في حين تبلغ تكلفته الإجمالية حوالي 880 مليون دولار (3,3 مليار ريال) وسيصل عدد العاملين فيه حوالي 4500 موظف ويستخدم المنجم معالجة للخام باستخدام تقنية (الأوتوكليف) تقنية فريدة لاستخراج الذهب وتستخدم في خمسة مناجم في العالم.
وحسب بيانات مجلس الذهب العالمي فإن العالم يمتلك احتياطيات من الذهب أكثر من (35 ألف طنًا)، فيما بلغت احتياطيات البنوك المركزية العربية (1374.5 طن)، وتتصدر القائمة العالمية الولايات المتحدة الأمريكية باحتياطيات تبلغ (8133.5 طن) ومن ثم ألمانيا (3359.1 طن) تليها فرنسا (2436.3 طن)، فيما تحتل روسيا المرتبة الخامسة عالمياً (2292.2 طن) والصين في المرتبة السادسة (1948.3 طن).
ومن الجدير بالذكر أن المملكة تستحوذ على 23,5 في المئة (323.1 طن) من احتياطي الدول العربية من الذهب لتحتل المرتبة الأولى عربياً، وتمتلك نحو 0.92 في المائة من احتياطي الذهب العالمي لتحتل المرتبة الـ18 عالمياً بين كبار ملاك الذهب العالميين التي تضم صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي وذلك حسب بيانات مجلس الذهب العالمي، ثم تليها لبنان في المرتبة الثانية عربياً (287 طنًا) ثم الجزائر (173.6 طن)، ويعتبر احتياطي الذهب في البنوك المركزية مؤشرا لقوة الدولة الائتمانية ومقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية ويمنحها أماناً خلال الأزمات المالية أو الاضطرابات السياسية والاقتصادية كون الذهب لا يتأثر بتقلبات سعر صرف العملات التي تؤثر على اقتصاديات الدول بشكل كبير.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
