Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

رأس المال الاجتماعي للأمة

شذرات

A A
هذا العنوان اللافت تم استقطاعه من المنتدى الثاني لأخلاقيات العمل الذي أقيم في جدة عام 2002م. وتتجلى قيمته بالقيم والمُثل والمهارات والمعرفة، ومقوماته: المدرسة، والبيت والمجتمع والقدوة.

ويتساءل رجل الأعمال الأستاذ الفاضل أحمد حسن فتيحي في كلمته في ذلك المنتدى: هل تتجزأ الأخلاق؟، لماذا نبحث أخلاقيات العمل، مشيراً إلى المنعطفات الكبيرة والتدهور الذي طرأ على الحياة السياسية والاقتصادية ثم الاجتماعية والثقافية والعلمية.

ففي الناحية الاجتماعية يستعرض بإيجاز كيف اعتمدت العلاقات العربية في مجموعها على ما كان يردنا من القاهرة، حيث كانت المورد للقدرة العلمية والثقافية، وكيف تم الاعتماد على المنهج التعليمي والمدرسين المصريين وكيف كانت الثقافة الإسلامية تسيطر على الأداء والمنهج والتطبيق العملي، وكيف أثَّر الإعلام المصري في الصحافة المقروءة والإذاعة المسموعة وتأثير ذلك على الفكر، فضلاً عن البعثات الدراسية الى القاهرة في تلك الفترة، حتى الناحية الاقتصادية فقد كانت القاهرة هي المركز الرئيسي للتسوق والأمل والحلم الذي يراود الشباب في تلك الحقبة.

أما الناحية السياسية في تلك الحقبة فقد شهدت أيدولوجيات أدت إلى تأثُّر مثقفينا بها، وضرب مثلاً بالاشتراكية.. الشيوعية.. الرأسمالية، البعث، الديمقراطية، وأصبح هناك تأثُّر بالغزو الفكري الذي يؤثر على المجتمع، وتولّدت حالة سياسية مختلفة الاتجاهات، وسار الشك في عقول العامة كنتيجة حتمية لذلك التضارب الفكري السياسي الثقافي، الى أن يخلص الأستاذ فتيحي مما تقدم ويصف بلادنا وكيف عاشت حالة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي ولكنها أثّرت تأثيراً غير مباشر على الحالة الاجتماعية وأخلاقيات أفرادها ومجتمعها.

ثم يتساءل مرة أخرى عن الموضوع الأساسي لمحاضرته عن أخلاقيات العمل، وهل يمكن للأخلاقيات أن تتجزأ بحيث يكون هناك أخلاق للعمل وأخلاق للبيت وما إلى ذلك؟، مرجحاً بأن التركيز ينبغي أن يكون على أخلاقيات المجتمع ككل وأن القيم والمُثل والمهارات والمعرفة هي رأس المال الاجتماعي الذي يحقق القيم والأخلاق، وأن صناعة الثقة في المجتمعات تقوم على المبدأ الإيماني، وغياب الثقة يعتبر أخطر من العجز في ميزانية الفرد والأسرة والدولة لأن العجز المالي يمكن استدراكه أما العجز في السلوكيات فمردوده غير مقبول.

ويختم قائلاً: إذا حلمنا وتأملنا في هذه الصورة فإن أخلاقيات العمل تعتبر مكتسبات تتحقق من أخلاقيات الأسرة والفرد والمجتمع، ليصبح هذا الجيل النور الذي يسطع بين أقرانه في الدول الأخرى، وليكن ترسيخ الإيمان لدستورنا وفهمه الحقيقي لنتدرب على منهج أخلاقي اجتماعي يوصلنا في حب وكرامة للعمل بإتقان وبأخلاق رفيعة المستوى، ولا نكون بغير ما أراد الله لنا خير أمة أخرجت للناس، فلا أمانة لمن لا دين له، ولا دين لمن لا خلق له، وسيد البشر بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، فهي رأس المال الاجتماعي للأمة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store