Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

ثقافة التسامح في البيئات التعليمية

A A
في ذاكرتي الكثير من الأحداث والشخصيات والمواقف التي تمثل لي دروساً حقيقية في فن التسامح الإنساني في أرقى صوره وأبدع ما تكون النفس البشرية حيث ترتقي في علو يعانق قمم الجبال وهامات السحب عندما يدرك المرء منا أن الحياة قصيرة جداً لا تستدعي الحقد ولا الكراهية ولا البغضاء.

خُلقنا من أجل الحياة، وحب أنفسنا لا يكون ذا معنى بدون أن يكون حولنا أناس محبون لنا، في لحظات الألم والوجع يسخر الله لك قلوباً وأرواحاً شفافة كلماتها تلامس شغاف قلبك وروحك معاً، تستشعر نبضات قلوبهم فتخفف عنك ما تشعر به من ألم وان كان يعتصر قلبك، تجد روحك محلقة سعيدة تطير في الفضاء كفراشة حالمة مبتهجة بنور الشمس وبريق الحياة.

في كلماتهم سحر لا يعرفه الا من تذوق جمال الكلمة والحرف ويعرف قدسية الكلمة ومتى تكون صادقة نابعة من صميم القلب فتجد لها موضعاً يليق بها، هؤلاء البشر حافِظوا على وجودهم في حياتكم فهم عملة نادرة جداً وكنز ثمين لا يقدر بثمن.

كن أيها الانسان متسامحاً مع ذاتك مع روحك التي بين جنبيك، فمهما بلغ الخلاف بين البشر لابد ان يأخذ وقته القصير وينتهي بدون أن نقلب في دفاتر قديمة مرت وانتهت وصارت ذكريات تعلمنا منها كيف نجعل الأيام كفيلة بأن تقربنا ولا تبعدنا، تجعلنا أكثر صفاء روحيا وأكثر وعياً وننظر للدنيا ومن فيها بعين المحبين لها لا المبغضين.

تعلمت في أروقة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فنون التسامح والتعايش وتقبل الآخر، حتى نكون معمرين للأرض، سنة الله اقتضت أن نكون مختلفين فما يملكه أحدنا من قدرات ومواهب وإمكانات مختلف تماماً عن الآخر ، حتى نلتقي معا ويكمل أحدنا الآخر فنشكل منظومة عمل مشتركة نتقارب ونتبادل الحوارات والأفكار ونتعلم من خبرات بعضنا البعض حتى يكون المنجز متميزاً وفريداً من نوعه.

وها هي جائزة الحوار الوطني تقوم بدور فاعل في تعزيز القيم الوطنية وتشجع الإنجازات الوطنية المقدمة من المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني أو الأفراد والتي ساهمت بشكل مميز وفعال في تعزيز قيم التلاحم الوطني والتعايش المجتمعي والتسامح والتي يسعى مركز الحوار الوطني لترسيخها في المجتمع.

هنا من الأرض التي أعيش عليها منذ سنين طويلة ألفتها وأحببتها وأحببت أهلها حتى صرت أردد أن هذه الأرض الطيبة هي موطني الذي اختاره الله لي ليكون شاهداً على كثير من الأحداث في حياتي المهنية والتطوعية والوطنية، في أروقة المدارس التي اعشقها كما عشقها والدي حفظه الله قصص تروى للأجيال كيف تتلاقى الأفكار وكيف يجمعنا حب الوطن لنطرز أجمل حلة نرتديها ونفاخر بها.

في رحاب الثانوية الثامنة وبقيادة المبدعة المتألقة الأستاذة تغريد الحربي وبمتابعة حثيثة من قبل الإدارية المتميزة فايزة الجهني خطط فريق العمل فيها لإقامة ملتقى عن التسامح يحمل اسماً مميزاً هو: (بالتسامح نبني وطناً) وشعاراً تم اختياره بدقة وحرفية عالية ورموزاً تدعو للمحبة والسلام والصداقة وتقبل الآخر وألواناً تم اقتباسها من شعار مركز الحوار الوطني، شعرت بالغبطة والسعادة الحقيقية وتلك الأجنحة التي تضمنها الشعار شعرت للحظة أني امتلكها وهي رمز للسلام وهناك أبراج مشيدة ومبانٍ عملاقة تمثل وطنا يستشرف مستقبلاً مشرقا برؤية طموحة وقيادة حكيمة ترنو دوما للعلياء.

ما أجمل أن تكون دور التعليم معززة للقيم الإنسانية الرفيعة والتي تعد من أهم متطلبات الحضارة الإنسانية، قيم ندعو لها ونعيشها ونتعايش بها من اجل مجتمع متماسك متلاحم يمثل وحدة وطن وتلاحم شعب يعي تماماً أهمية هذه القيم الإنسانية من خلال الحوار البناء والمبادرات النوعية والشراكات المجتمعية الفاعلة مع الرموز الوطنية التي تركت أثراً إيجابياً في المجتمع.

(ثقافة التسامح ضرورة أخلاقية واجتماعية وسياسية) هذا اسم الكتاب الذي سيتم توزيعه على من سيحضرون الملتقى في المدرسة وهو من إصدارات ومطبوعات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، هذا المعلم الثقافي الفكري الذي يحمل اسم المؤسس -طيب الله ثراه- سأظل طول العمر افتخر به وبمنجزاته الفكرية والعلمية ودوره في تعزيز التلاحم الوطني وغرس القيم الوطنية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store