Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

بعد 20 عامًا يعود الحديث عن 11/9...!

A A
إن أزمة 11/9 الاستثنائية التي زعزعت أمن الولايات المتحدة الأمريكية وعمت آثارها كل دول العالم وصناعة النقل الجوي بكل فروعها وتشكيلاتها.. ناقلاتها، ومطاراتها، ومرافق الملاحة، والدفاع الجوي وعواقبها الاقتصادية والسياسية والأمنية خلقت جوًا من الرعب أُستنفر على آثاره كل مكونات القوة التي تملكها الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ومنظومة الأمم المتحدة بداية بمجلس الأمن والجمعيات العمومية.. وكل وسائل الدفاع الجوي في العالم تخوفًا من تداعيات كارثية تشمل كل دول العالم.

ومن بداية الحادث (11/9) كان هناك بحث وتقصي عن أسباب ومبررات التي دفعت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدون أن تصل إلى نتيجة قطعية تدين الذين أخفقوا في حماية أمن الطيران المدني داخل الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول حيث إن كل ناقلاتها لديها جهاز مختص بالأمن والسلامة.. كما يوجد أجهزة كشف ومراقبة في كل المطارات الأمريكية أسوة بمطارات العالم.. ورغم ذلك أقلعت أربع طائرات كبيرة الحجم من إقليم واحد وعلى متنها عدد من الركاب بنية الاختطاف وضرب أهداف محددة.. وغيرت مسارات رحلاتها واخترقت الدفاعات الجوية وأصابت أهدافها باستثناء طائرة واحدة أُجبرت على الهبوط في مكان خالي من السكان وقد كان مخططًا لها من قِبل الخاطفين ضرب الكونغرس والبيت الأبيض في العاصمة واشنطن حيث كان بالإمكان أن تكون النتائج أسوأ بكثير لو أصابت الهدف.. ومن بداية الحادث طالب مجلس ومنظمة الطيران المدني المعنية بسلامة وأمن الطيران المدني في العالم بالشفافية بداية بسماع التسجيلات الموجودة على متن الطائرات الأربع والموجودة أيضًا في مراكز المراقبة الجوية التي ترصد كامل الرحلة من البداية حتى النهاية وكل المحادثات بين طواقم الطائرات الأربع والمختطفين والمراقبين الجويين في أبراج المراقبة ومراكز الرادارات التي مهمتها مراقبة كل ما يدور في المجال الجوي الأمريكي على مدار الساعة وبينها ربط وتواصل مستمر مع شبكة مراقبة أمن الأجواء الأمريكية ودفاعتها الجوية.

الإدارة الأمريكية احتفظت بحق التحقيقات بمفردها بحجة أن الحادث وقع داخل حدودها السيادية كما أن الطائرات أمريكية الصنع والملكية والأهداف أيضًا أمريكية ولذلك لم يعلن عن أسماء الذين كانوا على رأس العمل في مطاراتها ومراكز المراقبة الجوية وكل من له علاقة بمراقبة وحماية الأجواء الأمريكية ووجه المحققون كل اهتمامهم إلى شبهة التدخل الخارجي الذي لا شك أنه جزء من مسببات العملية الإجرامية التي حصلت في (11/9) والتي هزت العالم بأسره وأوقفت تداعياتها كل حركة الطيران في داخل أمريكا وفي كل مطارات العالم.. ونتيجة لذلك أوقفت شركات التأمين التغطية عن كل ناقلات العالم واضطرت الدول للتدخل لضمان تغطية التأمين لناقلاتها الجوية العاملة في حقل النقل الجوي.. وقد شُكلت لجان داخل أمريكا اهتمت بكل ما جرى من تفاصيل كان من نتائجه إلقاء اللوم على الخارج واستمرت الصحافة العالمية والمحللين في التعاطي مع تداعيات الحادث من بينها مشاركة ( 35 كاتباً بعنوان ما وراء 11 سبتمبر مختارات معارضة تحرير: «فل سكراتون» ترجم إلى معظم اللغات) وكتاب آخر للكاتب «ديفيد راي جريفين» بعنوان (11 أيلول وحجارة الدومينو المتساقطة) وعدد كبير من الكتب والأفلام وتحقيقات أخرى لا يتسع المجال لذكرها لأن التركيز في هذا المقال المختصر ينصب على إخفاق أجهزة أمن الطيران المدني داخل المطارات الأمريكية وعدم التكريز عليه بما فيه الكفاية من قبل المحامين المطالبين بالتعويضات لضحايا الحادث والإصرار على توجه كل الاهتمام على العامل الخارجي على أنه المتسبب الرئيسي في ذلك الحادث الكارثي الأليم.. وبعد مرور عشرين عامًا على حدوث تلك الكارثة التي اُستخدم فيها الطيران المدني لأول مرة لضرب رموز مدنية واقتصادية عجزت أكبر دولة في العالم تقنيًا وعسكريًا التصدي لها ومنعها من الحدوث ولكنها تعود لتوجه أصابع اللوم لجهات أخرى بدون أي مبرر وخلاف ما توصل إليه المحققون الذين أصبحوا شهود عيان لأنهم اطلعوا على كل المعلومات والوثائق.

والخلاصة إن استمرار إلقاء اللوم حتى وإن كان من باب التلميح على المملكة العربية السعودية بدون أي دليل ما هو إلا مجرد صرف الأنظار عن الجهات المسؤولة عن أمن الطيران المدني داخل أمريكا التي أخفقت في واجباتها في ذلك اليوم الأسود.. كما أن على المحامين وكل من له علاقة بالدفاع عن أهالي الضحايا توجيه اللوم إلى تلك الجهات وطلب تعويض أهالي كل الضحايا من أجهزة الأمن والدفاعات الجوية ومراكز المراقبة الجوية في الولايات المتحدة الأمريكية التي أخفقت في أداء واجباتها في صباح يوم 11 أيلول 2001م الذي أصبح علامة استثنائية غير مسبوقة -بكل جوانبها السلبية- في تاريخ صناعة النقل الجوي والسياسة والعلاقات الدولية في العالم. ختامًا إن إحياء ذكرى 11/9/2001م، في مكان تذكاري لضحايا الكارثة بعد عقدين من الزمن دليل على أن أمريكا لازالت في حالة ذهول ونكران لمتطلبات التصحيح في سياستها الخارجية والدليل ما فعلته في العراق وأفغانستان وغض الطرف عن دور إيران في تلك الحادثة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store