Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

المتاجرون بحيواتهم الشخصية!!

A A
هم جزء من «مشاهير السوشيال ميديا»، وأسمّيهم أنا «المتاجرون بحيواتهم الشخصية»، وأعتقد أنّني مُصيب في التسمية لأنّهم ـإلّا من رحم ربي- يُتاجرون بتفاصيل حيواتهم الشخصية، بحدود قليلة، وأحياناً بما حسُن من التفاصيل، وأحايين بما ساء منها، وأزيد من الشعر بيتاً بأنّ بعض ما ساء منها يكاد ينحدر لمرتبة الإثم، فيُظهرونها للنّاس دون أيّ سِتْر، وكلّ ذلك من أجل كسْب الشهرة، غير مُدركين أنّ سنوات من الشهرة لا تعادل ساعة واحدة من السعادة الحقيقية فيما لو سعوا لأسباب السعادة!.

أنا أخشى أنّ ما قاله ابنُ القيِّم، رحمه الله، ينطبق عليهم، هل تعلمون ماذا قال؟ لقد قال إنّ للعبد سِتْراً بينه وبين الله، وسِتْراً بينه وبين الناس، فمن هتك السِتْر الذي بينه وبين الله هتك اللهُ السِتْر الذي بينه وبين الناس!.

وابن القيِّم ذكر «العبد»، أي الرجل، ولا شكّ لديّ بأنّ كلمة «العبد» لا تعني براءة «الأمَة» أي المرأة من هذه المتاجرة، فهناك الكثير من النساء اللاتي حذَوْنَ حذو المشاهير الرجال، فعرَضْنَ تفاصيل حياتهنّ الشخصية للملأ، وغاب الحياء الذي هو من الإيمان، وغاب الاستحياء الذي أثنى عليه القرآن الكريم إذا صاحب قول المرأة ومشيها، وغابت الحشمة التي هي سلاح المرأة، وهذا زاد الطينّ بلّة وزاد قباحة المتاجرة!.

وليتني كُنْتُ فقيهاً لأعلم حُكْم ربح هؤلاء المتاجرين والمتاجرات لأموال الإعلانات التي تُصاحب مقاطع الفيديو المبثوثة عن تفاصيل حيواتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا هنا لا أحرّم، ولا أحلّل، بل أتساءل، فقط مجرّد تساؤل!.

حسناً، ماذا بقي من القول كي يُقال؟ بقي القول إنّ هؤلاء المشاهير يفرحون للغاية بزيادة متابعيهم، ويسعون لمضاعفتهم أكثر وأكثر، وليتهم يتذكّرون أنّ الإنسان عندما يُتوفّى يتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهله وماله، ويبقى عمله، أمّا ملايين المُتابعين فلا يتبعونهم للقبر أصلاً مهما بلغ إعجابهم بهم، أفلا يتفكّرون؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store