Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

مطلوب انتفاضة تنقذ لبنان من المتخلفين

A A
فشلت النخب اللبنانية في الاتفاق على حكومة تتولى إصلاح أسوأ أزمة اقتصادية ومالية مر بها لبنان منذ الحرب الأهلية عام 1975 التي استمرت خمسة عشر عاماً حتى 1990. وأشرف رئيس الجمهورية ميشيل عون على انهيار الوضع اللبناني بشكل لم يسبق له مثيل.

ورفض الرئيس أن يتولى رئاسة الوزارة سني لا يرضى عنه، وأبقى البلاد بدون حكومة منذ استقالة حسان دياب، رئيس الوزراء السابق في أغسطس من العام الماضي بعد انفجار ميناء بيروت الذي أدى الى مقتل ما لا يقل عن 215 شخصاً وجرح العشرات ثم وافق أخيراً في شهر يوليو من هذا العام على أن يقوم نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة كان لصهر عون جبران باسيل وحزب الله النصيب الأكبر فيها.

وظهر عدد من أعضاء الحكومة التي تم الإعلان في 10سبتمبر الجاري عن تشكيلها، ظهروا على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى قبل أن يقدموا بيانهم الوزاري كشفوا خلاله عن ضحالة فكرهم وعجزهم عن فهم الوضع الذي يعيشه لبنان وعكسوا مواقف يؤكدون فيها اصطفافهم الى مصالح الفئات المتصارعة على اقتسام ما يسرقونه من مقدرات لبنان، وعدم إدراك المهمات الوزاريه المناطة بهم.

نظام المحاصصة اللبنانية، وأبرزه أن يكون رئيس الجمهورية مسيحياً أرمنياً ورئيس الوزراء مسلماً سنياً ورئيس البرلمان مسلماً شيعياً، وتقاسم الوظائف الحكومية على هذا الأساس بالإضافة الى حصص للطوائف الأخرى مثل الدروز وغيرهم ، هذا النظام أضعف المجتمع والدولة وأدى الى هيمنة حزب الله بولائه المعلن لإيران على البلاد ومؤسساتها، مما جعل لبنان وسياساته رهينة بيد طهران، خاصة وأن رئيس الجمهورية ميشيل عون أصبح يستند الى قوة الحزب الممثلة في قوة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، بإشراف أمين عام الحزب حسن نصرالله، تمارس أعمال الإرهاب في داخل لبنان الى جانب مايوكل لها من أعمال خارجية.

توزيع المناصب الوزارية في حكومة نجيب ميقاتي تدل على أنه تم تجاهل الدعوة الفرنسية لتشكيل حكومة إصلاحية وأن رئيس الوزراء الجديد استسلم للضغوط التي مارسها الفاسدون عليه وقبل مرشحيهم لتكون الحكومة محاصصة طائفية وحزبية.

ومن المعروف أن نجيب ميقاتي رجل أعمال ناجح وله خبرة في رئاسة الوزارة إذ تولاها عام 2005 بعد مقتل الرئيس الراحل رفيق الحريري في تفجير ضخم اتهم أعضاء في حزب الله به، إلا أن تلك الفترة كانت قصيرة وترك رئاسة الوزارة بعد ثلاثة شهور فقط وعاد مرة أخرى لهذا المنصب بحكومة شكلها عام 2011 وقيل حينها أن ضغوط حزب الله عليه أدت به للاستقالة بعد عامين فقط أي عام 2013.

وليس من الواضح ما إذا كان سيتمكن من الصمود هذه المرة أمام الضغوط القائمة من مختلف الجهات بما في ذلك حزب الله الذي احتفل بصهاريج المحروقات التي أرسلتها له إيران عبر سوريا وفرغها في خزانات خاصة داخل لبنان معلناً سقوط خيار نجيب ميقاتي في الانفتاح على العالم بما في ذلك العالم العربي وارتباط لبنان كمستعمرة إيرانية تحت راية الولى الفقيه علي خامنئي.

وليس من السهل عليه أن يدير حكومته وعدد من وزرائها أما فاسدون أو يمثلون قوى فاسدة لا تتفق مصالحهم مع هدف الإصلاح ومحاربة الفساد التي على ميقاتي التوجه إليه أن أراد إنقاذ لبنان. النخب اللبنانية القائمة تخلت عن البلاد وتوجهت نحو الفساد، وشاركها حزب الله في ذلك الفساد ودفعها للاستسلام لإرادته وسادته الإيرانيين.

ولن ينقذ لبنان سوى انتفاضة شعبية تقضي على المفسدين وتبعدهم وتتولى تصفية البلاد من آفاتهم.

وتوقفت الانتفاضة السلمية السابقة بسبب خشية المتظاهرين من الاغتيالات واعتداءات ميليشيات حزب الله واستخدام الطغمة الحاكمة لميلشيات تابعة لتيار عون وصهره باسيل، وعناصر رسمية .

وكان من أبرز قادة الانتفاضة لقمان سليم الذي قتل بإطلاق أربع رصاصات في الرأس ووجدت جثته في منطقة الجنوب التي يهيمن عليها حزب الله، وكأنه تأكيد لمن قد يتجرأ على انتقاد الحزب مثلما فعل لقمان سليم بأنهم سيواجهون مصيراً مشابهاً، إلا أن الصمت الشعبي والخوف لن يستمر ولا بد أن تتجدد الانتفاضة الشعبية السلمية وتظهر قيادات تنهي معاناة اللبنانيين وتقود البلاد الى مستقبل أفضل وتطلق الكفاءات اللبنانية لتعمل لصالح بلدها لا إفساده وتنقذه من التبعية لأناس متخلفين.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store