Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

منتدى سعودي عالمي لحماية البيئة

A A
مرة أخرى تؤكد المملكة بعد نظرتها وحكمة سياساتها القائمة على نظرة بعيدة المدى، وذلك بإعلانها تنظيم قمة منتدى مبادرة (السعودية الخضراء) ومبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) في أكتوبر المقبل، وهما المبادرتان اللتان أعلن عنهما سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لزراعة أكثر من 50 مليار شجرة في المنطقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية بما تتجاوز نسبته 10%، وذلك حماية للبيئة وتصديا للأخطار الهائلة التي تحدق بكوكب الأرض، ولوقف الممارسات السالبة التي يقوم بها البعض والتي تنعكس سلباً على صحة الإنسان وسلامته، وتتجلى في تزايد نسبة الأعاصير والبراكين والزلازل المدمرة. ومن الأهمية لفت الانتباه إلى أن الاهتمام السعودي بقضايا البيئة ليس وليد اليوم، ولم يظهر مؤخراً كما هو الحال في العديد من الدول، بل يرجع إلى تاريخ تأسيس المملكة على يد موحدها المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود، حيث نصت المادة (32) من نظام الحكم على أن الدولة معنية بالمحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث، وحماية الصحة العامة من أخطار الأنشطة والأفعال المضرة.

وقد أظهرت القيادة السعودية اهتماما متعاظماً بقضية البيئة خلال العهد الحالي، وشددت خلال ترؤس المملكة للدورة المنقضية لمجموعة العشرين على ضرورة ترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة على البيئة وتحسينها، وتشجيع الجهود التطوعية في هذا المجال. كما طالبت بتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وبناء على مطالباتها تجاوبت دول المجموعة وتم تأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة، إضافة إلى إطلاق مبادرتين دوليتين؛ الأولى تستهدف الحد من تدهور الأراضي، والثانية تحافظ على صحة وحيوية الشعاب المرجانية

وتوجت المملكة اهتمامها بالمحافظة على البيئة خلال السنوات الفائتة عندما احتلت خلال العام الماضي المركز الأول في مؤشر «عدم فقدان الغطاء الشجري» ومؤشر «الأرض الرطبة»، متفوقة على 180 دولة، كما احتلت المركز الثامن على مستوى العالم في مؤشر «مواطن الأجناس» المتعلق بالحفاظ على البيئات الطبيعية وحمايتها ومنع انقراض الأنواع النادرة من الحيوانات، متفوقة أيضاً على 172 دولة من دول العالم.

ولمن يظن أن الاهتمام بالبيئة هو نوع من الترف الذي تمارسه الدول الغنية أو النخب في صالونات مغلقة، تكفي الإشارة إلى الخسائر المادية الهائلة التي تترتب على سلبية البعض في تعاملهم مع الموارد الطبيعية، حيث أشارت الأمم المتحدة في تقرير حديث إلى أن فاتورة سوء التعامل بلغت مؤخراً مئات المليارات من الدولارات.

إضافة ما سبق فإن الخسائر التي تحيق بالإنسان أكثر من كل الأموال، مثل وفاة عشرات الآلاف من الأبرياء الذين يموتون سنوياً غالبيتهم من الأطفال، وما يترتب على الزلازل والأعاصير والفيضانات من تدمير مدن بكاملها. ويكفي في ذلك الإشارة إلى ما أعلنته منظمة الصحة العالمية بأن 5 ملايين طفل يموتون سنويا بسبب أمراض لها علاقة بالتلوث، وأن ثلث الأمراض في العالم سببها عوامل بيئية. بل إن مستوى الآثار السالبة عن ذلك بلغ مستوى تهديد العالم بالفناء والزوال.

ولا اختلاف بين العقلاء على أن هذا الكوكب الذي منحه الله للإنسان واستخلفه فيه ليقوم بعمارته وأمدنا فيه بكل مقومات الحياة وعناصر البقاء يستحق عناية أكثر، وأن نعمل على صيانته والمحافظة عليه، وهو ما يتجلى في قوله سبحانه وتعالى (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) وقول نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها).

ومما يؤسف له أن بعض الدول الغربية التي ينظر لها على أنها متقدمة عطفا على ما تتمتع به من ارتفاع في مستويات الدخل وتطور في الاقتصاد والصناعة هي السبب الرئيسي في ما أصاب العالم من تدهور تبدو آثاره الضارة واضحة في الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وذلك لأنها تعاملت من منطلق عدم مسؤولية ولم تبد الاهتمام الكافي بالمحافظة على البيئة وسلامتها.

تلك النظرة القاصرة تجنبتها المملكة وأكدت من جديد اهتمامها بقضايا العالم، فعلى الرغم مما تتمتع به من سلامة بيئية وعدم وجود تلوث إلا أنها لم تركن إلى ذلك، بل وقادت مبادرات عديدة لضمان السلامة والأمن في العالم كله، وها هي تشرع فعليا في تنزيل مبادرتي المملكة الخضراء والشرق الأوسط الأخضر إلى أرض الواقع، لتواصل القيام بالدور الريادي الذي اضطلعت به منذ توحيدها.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store