Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

هـــــوك

A A
تتميز قواتنا الجوية بدقتها المتناهية، وتألقها الفني، وأدائها المتألق. ومصدر قوتها الأساسي هو رجالها.

وأحد أهم أركان تلك القوة ينبع من التأهيل العالي، وإعادة التأهيل المستمر رفيع المستوى ضمن منظومة متكاملة. وطائرات التدريب هي من المكونات الجوهرية لتلك المنظومة، وطائرة «الهوك» بمعنى «الصقر» تتربع على رأس هرم طائرات التدريب، وقصتها تستحق مقالاً لأنها تجسد إحدى أهم المبادئ الرائعة في الهندسة وهي بساطة السهل الممتنع. في عالم الطيران العسكري كان الاتجاه السائد أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، وظهور الطائرات النفاثة هو تحسين الأداء وزيادة السرعة، ورفع الحمولة، والتسليح. ولكن في عام 1958 ظهرت طائرة بريطانية تخالف كل هذا.

كانت طائرة تدريب نفاثة صغيرة جداً.. إذ يبلغ طولها أقل من طول سيارتين من طراز «تويوتا كامري»، وكانت خفيفة بوزن يعادل وزن «تويوتا لاند كروزر» تقريباً، وهذه مقاسات متواضعة جداً للطائرات الحربية.

وكانت بسيطة في مكوناتها وصناعتها، وصيانتها، وتشغيلها، وكانت أيضا قليلة التكلفة.

أنتجتها شركة «فولاند» البريطانية وأطلقت عليها اسم «نات» Gnat أي البعوضة.

وكانت ناجحة جداً، فأصبحت عماد التدريب المتقدم للقوات الجوية الملكية البريطانية، والقوات الهندية، وسلاح الطيران الفنلندي، وغيرها.

وفور دخول الطائرة إلى الخدمة بنجاح، بدأ تصميم البديل المحدث ليكون جاهزاً في مطلع السبعينيات الميلادية. وبدأ مشروع تطوير «البعوضة» المتألقة بنفس فلسفة التصميم إلى منصة تدريب أكبر قليلاً، وأكثر تقدماً، وقوة، وأفضل في الأداء، لتصبح طائرة «الهوك».

وأثبتت نجاحها الباهر لدى القوات البريطانية، انطلقت «الهوك» في الأسواق الدولية بنجاح بالغ النظير، بالذات عندما اشترتها القوات البحرية الأمريكية بأعداد كبيرة لتصبح ركيزة التدريب المتقدم بالرغم من وجود منافسات أمريكية قوية. وفي الولايات المتحدة يتم تصنيعها باسم «تي 45 قوس هوك» وحرف «تي» يرمز إلى أنها طائرة تدريب Trainer.

وهناك ما هو أهم من كل هذا، فمنذ منتصف الثمانينيات أصبحت تلك الطائرة عماد التدريب المتقدم لقواتنا الجوية، وتستطيع أيضاً أن تقوم بدور طائرة هجوم مساندة خفيفة.

ولا عجب في ذلك، فبالإضافة إلى قوة بدنها، وسهولة صيانتها، وسهولة قيادتها، فهي تتمتع بقدرات رائعة على المناورات، والتسارع، والصعود والالتفاف، وحمل الأسلحة، والتحرك بدقة افقياً ورأسياً.

وهي أيضا طائرة فريق الصقور الخضراء المتألق في قواتنا الجوية الذي يذهلنا بالعروض الجوية الرائعة التي تنافس أفضل فرق العروض الجوية الدقيقة العالمية.

وهناك المزيد، فأحد مصادر الفخر والاعتزاز للصناعات التقنية الوطنية هو تجميع هذه المقاتلة بأيدٍ سعودية.

يعني لدينا طائرة مقاتلة حديثة، سريعة، وقوية، واقتصادية يتم تجميعها على أرض الوطن.

أمنيـــــات

أتمنى أن يستمر نجاح البرنامج الوطني لتجميع طائرة الهوك الرائعة، وأن ندرك أهمية هذه الطائرة الصغيرة الجبارة، والأهم من ذلك أن نرفع الشكر والتقدير لقلوب، وعقول، وسواعد رجال قواتنا الجوية الذين يعملون بإخلاص، ومهنية، ودقة على مدار الساعة لخدمة الوطن بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store