Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

المؤذن (الصامت)..!

صدى الميدان

A A
* يظل المسجد منطلق بناء القيم، وغرس المفاهيم ذات القيمة، وموطن إشعاع نحو كل جميل من الأقوال والأفعال، فيه تُبنى كل تلك المعاني السامية، التي ترتقي بالنفس البشرية إلى ذلك الدور (الفاعل)، واللبنة الصالحة، التي تضيف إلى المجتمع من يعي دوره، كفرد مسؤول يجد في صورة تلك الصفوف المتراصة بين حدي (استووا) و(التسليمتين) كيف يحقق المسجد رسالته، نحو ترسيخ مفهوم (الجماعة)، في تناغم عجيب لا نجده يتحقق في أي موضع آخر خارج ما جاء به هذا الدين الحنيف من الشعائر.

* وعليه فإن مما يجب الانتباه إليه، أنه عندما يُسند أمر المسجد إلى مؤذن وإمام، فإنهم بذلك قد وُضعوا تحت مجهر صناعة (القدوات)، حتى وإن لم يُتنبه إلى ذلك من قِبَلِهم، فالمؤذن المنضبط يبعث من خلال ذلك دون أن يشعر جملة من الرسائل، كلها تدفع نحو صناعة ملكة (التأثير) الإيجابي، الذي يناقضه بكل أسف ما قد يصدر من البعض من تقصير في ذلك، كمن لا يحضر إلا فروضاً معدودة، وهو غياب شنيع الأثر، يدركه كل مستمع له وهو يرفع الأذان، ومعه يستحضر كيف هو حاله مع ما حُمل به من أمانة : (الله أكبر).

* هذه الصورة أثق أنه لم يُتوقف عندها، وإلا لترك هذه المهمة، والأمانة العظيمة لمن هو أهل لها، فضلاً عن أنه محاسب على وظيفة يقبض راتبها، ولا يؤدي واجبها، وفي هذا لا يغيب أيضاً حال ذلك الإمام الذي يُشاطر المؤذن ذات الحال، ثم يأتي على المنبر مذكراً بالأمانة، ومراقبة الله في السر والعلن، وكل تلك المعاني السامية، وهو من ترك جمع المصلين مراراً يناظرون لبعضهم البعض من يتقدم لإمامتهم؟!، فكيف بالله يجد القبول من على المنبر، وهو من أضاع أمانة المحراب؟!.

* المهمة جسيمة، والأمانة عظيمة، وأن تكون ملتزماً فضلاً عن أن تكون مؤذناً أو إماماً، فأنت قد دخلت تلقائياً في أنموذج المثال والقدوة، وعليه فإن تصرفاتك محسوبة، والانطباع عنك يدفع نحو أنك في مقام المعلم، وهو دور يُلمس أثره في ذلك السواد الأعظم من الملتزمين، ممن يُضيفون بتواجدهم ما يُرجى من أثر محمود، أعانهم الله بالوصول إلى ذلك الأثر السامي، من خلال ما يتكئون عليه -بعد توفيق الله وسداده- من أرضية مكينة من الصدق، والإخلاص مع ذواتهم، فطاب بذلك جني أفعالهم.

* تلك الصورة الأنموذج تتحقق بحمد الله بشكل واسع، وهو ما يدفع نحو الأمل الكبير أن يلحق بهم كل من نحسبهم مثلهم، إلا أنهم جهلوا حجم دورهم، فكان من نتاج ذلك أن قصروا في أداء مهامهم المناطة بهم، كحال إمام مسجد لا يحضر أو مؤذن (معتمد)، ولكنه في الواقع مؤذن (صامت) يؤذن لفرض، ويغيب لأيام، في صورة من التقصير تناقض جملة وتفصيلاً مكانة المسجد ورسالته.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store