Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

خطرات فكر

A A
* من نشاطات مدارس التعليم العام اللاصفية في ماضيه الجميل، اختيار بعض الحكم المأثورة، بين شعر ونثر، وأحاديث، وآيات قرآنية، وكتابتها بخطوط جميلة على بعض حوائط أفنية المدارس من الخارج، على مستوى مدارس المدن وبعض مدارس القرى والهجر النائية، إلاّ أن هذا النشاط قد تضاءل عن ذي قبل، ولا يعلم هل كان ذلك النشاط من النشاطات المحمود مزاولتها كنشاطات لا صفية، أم كانت عملية اجتهادية فقط؟ وقد واكبت مسيرة هذا النشاط العديد من الآراء منها من يرى عدم ملاءمة ذلك رغم جمال خطوطها وما تتضمنه من حكم ودروس بالغة الأهمية دنيا ودينًا؟ وأنها عرضة وفرصة للتحريف والعبث من قبل بعض من جبلوا على كتابة العبارات الخارجة عن الذوق والأدب على جدران المنازل والأفنية والشوارع -وما أكثرهم في هذا الزمان- وهي حالة ما زالت مستمرة في بعض الأحياء والطرقات رغم مقاومة الأمانات لها باعتبارها ظاهرة غير حضارية وتتنافى مع الذوق والأخلاق، وهناك من يرى أن يعمل هذا النشاط في أفنية حوائط تلك المدارس من الداخل حماية له من الشوائب التي قد يتعرض لها خارجياً، وثالث يرى دراسة تحويل هذه النشاطات إلى معارض سنوية متنوعة المضمون تقام في جزء من فناء كل مدرسة، بمشاركة تلك المدارس من معلمين ومعلمات وطلاب وطالبات وخاصة ذوي المواهب والهوايات، وتنظم لذلك زيارات خاصة للطلاب وأولياء أمورهم ومن يرغب من المواطنين برعاية أحد مسؤولي إدارة التعليم.

* دعاني لكتابة هذا الموضوع أنني كنت سائرًا بمركبتي ذات عشية في أحد شوارع المدينة ولفت نظري حائط فناء أحد المجمعات المدرسية وقد كتبت عليه ألوانًا من الحكم المأثورة التي ازدحم بها من الخارج وبخطوط جميلة تسترعي انتباه الناظرين لها، ومن ضمنها بيت شعر يقول:

ليس الجمال بأثواب تزيننا

إنَّ الجمال جمال العلم والأدب

ولأن ذاكرتي تكتنز العديد من الشعر كهواية رافقتني منذ الصغر، وخاصة ما كان منه في مجال الحكم والزهديات، إلاَّ أن كبر السن وتعاقب الأيام والسنين ومواقف الحياة أنستني الكثير من ذلك، ولرغبتي في معرفة كامل هذه القصيدة ومن قائلها فقد استعنت بعد الله، بصديق القراء وسفير الباحثين (قوقل) فأجابني مشكورًا بأنها لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد تضمنها ديوانه وهي من قصيدة لا تزيد عن ثلاثة أبيات فقط ونصها:

ليس البلية في أيامنا عجبًا

بل السلامة فيها أعجب العجبِ

ليس الجمال بأثوابٍ تزيننا

إنَّ الجمال جمال العقل والأدب

ليس اليتيم الذي قد مات والده

إن اليتيم يتيم العلم والأدب

* ويُلاحظ أن ناقل بيت الشعر قد استبدل كلمة (العقل) في أصل عجز البيت بكلمة (العلم) ليتفق ومعنى المناسبة، وهو في نظري استبدال مؤقت لمناسبة غير دائمة وقد لا يخل بوزن القصيدة، وفوق كل ذي علمٍ عليم.

** خاتمة: كانت هذه سانحة من سوانح الفكر، وخاطرة من خواطر النفس، جالت بخاطري خلال مشوار قمت به في حي من أحياء المدينة، لزيارة صديق عزيز، وزميل قديم، ألمّت به حالة صحية لزم خلالها منزله -شافاه الله- وكل مسلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store