Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سلطان عبدالعزيز العنقري

الفساد الإداري..

A A
في علم النفس، الفساد الإداري يأتي نتيجة «اضطراب في الشخصية» للمؤتمن على العمل، بعبارة أخرى أن من يمارس الفساد الإداري لديه شخصية»سيكوباثية» منحرفة «غير سوية»، وبأكثر دقة لديه شخصية «مضادة للمجتمع»، أي شخصية متمردة على أنظمة وقوانين وقيم المجتمع وعاداته وتقاليده، شخصية تتصف بالكذب، والغطرسة، والغرور، والتسلط، والتنمر على خلق الله، وهذه الشخصية «تعض اليد» التي تُمد لمساعدتها.

الفساد الإداري، والذي بدوره يؤدي إلى الفساد المالي، ويتسبب في إعاقة كاملة للتنمية بل تعطيلها، هو محور مقالنا لهذا الأسبوع.

ولنبدأ بتعريفي»الإجرائي» ،الذي يعرف الفساد بأنه «خرق» كامل، وتكسير لأنظمة وقوانين المجتمع، وتجاوز كامل للصلاحيات الممنوحة للمسؤول.

فالفساد الإداري يعيق بل يدمر الارتقاء بالمنشأة وتطويرها، وتنخفض وتتلاشى الإنتاجية بين العاملين إما بسبب الإحباط من هذا المسؤول الفاسد، أو بسبب سوء الإدارة والتخبط من قبله.

كما أن استقطاب الكفاءات من المؤهلين خبرة وتعليماً ليس من أولويات هذا المسؤول الفاسد.

والفساد الإداري بأعلى مراتبه يتمثل بـ «التسلط» على المرؤوسين، وتقريب من يصطف معه وتسلطه، ومحاربة بل إبعاد المنتج، وتلفيق وإلصاق التهم به حتى يتخلص منه. كما أنه يأتي بمساعدين له أقل تأهيلاً وعلماً وخبرة حتى لا يزحزحوه عن كرسيه، ويستمر هو سيد الموقف، وتناسى هذا المتغطرس، المستحوذ على كل شيء، بأن «المنصب لو دام لغيره لما انتقل إليه».

والفاسد إدارياً في معظم الأحوال يتقوقع في برج عاجي ولا يحتك بمرؤوسيه خوفاً من انكشاف فشله في الإدارة، محاط بجيش من مدراء المكتب والسكرتارية، الذين يقفون حائط صد منيع ضد أي اقتحام للبرج العاجي للمسؤول. هذا المسؤول المتسلط لا ينزل للميدان لمعرفة أداء منسوبي إدارته، ولا كيفية تعاملهم مع الجمهور، إذا كانت إدارته لها «احتكاك» بالجمهور، يبحث عن مصالحه الشخصية الضيقة ولا يلقي بالاً لمصالح المجتمع العليا، ينظر للمرؤوسين على أنهم خدم له، وتناسى أنه وضع في هذا المكان من أجل خدمة من يستفيدون من خدمات إدارته، يستحوذ والمحيطون به على الحوافز والبدلات والمكافآت وبقية المرؤوسين لا ينالهم نصيب من حقوقهم التي كفلها لهم النظام، يرى نفسه أنه هو العالم ببواطن الأمور وغيره لا يفقهون شيئاً. شخصية الفاسد إدارياً تتصف بـ «الغيرة المرضية»، والتي تعمي بصره وبصيرته، يغار حتى من ظله، وصفة الحسد متلبسة به، لا يخاطب مرؤوسيه مباشرة بل يخاطبهم من وراء حجاب، وذلك من خلال مدراء مكتبه وسكرتاريته.

الفساد الإداري في أية مؤسسة حكومية أو قطاع خاص يديره شخص واحد ببطانة فاسدة. الفساد المالي، والذي تعلن عنه بين الفينة والأخرى «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد»، الفاعلة والنشطة، ما هو في الحقيقة إلا نتاج للفساد الإداري، الذي جعل من الفاسد إدارياً قدوة يحتذى بها في الفساد، ولذلك تبرز ضرورة محاسبة الأشخاص الذين تعهد إليهم مناصب قيادية، حتى ولو لم يكن لديهم فساد مالي كونهم سبباً مباشراً في تعطيل التنمية، وانخفاض الإنتاجية إلى أدنى مستوى، وذلك من خلال الهدر المالي للمنشأة غير المدروس.

رؤية المملكة الطموحة 2030 لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود فساد وفاسدين ومفسدين في الأرض كجماعة الإخوان الإرهابية وغيرها، ولذلك سمو ولي العهد، يحفظه الله، قبل أن يبدأ بتنفيذ هذه الرؤية الطموحة قام بتنظيف البلد من الفساد والفاسدين والمفسدين من جماعة الإخوان الإرهابية كخطوة أولى لتحقيق الرؤية، وتنويع مصادر الدخل، فقام بتمكين المرأة «المعطلة» منذ أربعة عقود، بوصاية عليها من جماعة إرهابية، وشيوخ ما يسمى بالصحوة ، ترى أن «المرأة» مكانها البيت، فزادت نسبة البطالة بين النساء، وفي الوقت ذاته ارتفعت أعداد العمالة الأجنبية، الذين أخذوا بل احتلوا وظائف المرأة، والتي يفترض أن تكون للمواطنات السعوديات، فكل بلد مسؤول عن رعاياه، ونحن في بلدنا لسنا مسؤولين إلا عن رعايانا فقط.

نختم بالقول إن الفساد الإداري مدمر للتنمية.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store