Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

عندما تتحرّك وزارة الموارد

A A
بعد سُويعات من نشْر مقالي السابق «بكالوريوس شريعة في كُشْك قهوة» تلقّيْتُ مكالمة من متحدّث وزارة الموارد البشرية، سعد الحمّاد، وكان متواجداً خارج المملكة في مهمّة عمل، وأخبرني بأنّ الوزارة وعلى رأسها الوزير المهندس أحمد الراجحي اهتمّت بالحالة التي كتبْتُ عنها في المقال، وهي لمواطن يحمل شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، لكنّه لم يجد وظيفة تناسب تخصّصه إلّا عامل قهوة في كُشْك على قارعة طريق، وأنّ الوزارة آلت على نفسها معالجة حالات البطالة العامّة والنوعية وغيرها، أجارنا اللهُ منها جميعاً.

والمكالمة في الحقيقة لم تكن واحدة، بل كادت تبلغ «دَرْزَنًا» من المكالمات المتتابعة، ومن خارج الوطن لكن لأجل الوطن، وتحديدًا لأجل مواطن مناسب في وظيفة غير مناسبة، وليس لديه واسطة، وليس من الأعيان ولا الأثرياء، ولم يرفع شكوى ولا مظلمة ولا برقية لوُلاة الأمر، ومع ذلك تحرّكت وزارة كاملة بأسرها، ونقل الوزير توجيهاته من داخل المملكة لمتحدّثه الرسمي المتواجد خارج المملكة الذي لم يُقصّر في إزعاجي إزعاجاً جميلاً بالاتصال المتتابع حتّى حصل على رقم هاتف المواطن وعنوانه وسيرته الذاتية، وزفّ له بُشْرى الحصول القريب على وظيفة مناسبة لتخصّصه الدراسي، حتّى كاد المواطن يُغمى عليه من الفرح، وكأنّه عاين ليلة القدر الرمضانية، وظلّ يُردّد بلهجته القبيلية: على رأسي يا وطن من فوق.

و«لسّه»، لا تستعجلوا، فالحكاية الواقعية لا الخيالية لم تنته، إذ صار لديّ اتفاقاً «جنتلمانياً» مع الوزارة بإبلاغها عن الحالات المشابهة لحالة هذا المواطن كي تتمّ معالجتها على الفور، فلا مكان حسب مبادىء الوزارة لأيّ تخصّص دراسي إلّا في الموقع العملي الذي ينتمي إليه، وهذا والله لهي المباديء الحقيقية والنبيلة.

وعندما تتحرّك الوزارة، بنشاط، بإخلاص، بإنسانية، بوطنية، بمتابعة من قمّة هرمها وكبار مسؤوليها، فلا تقدر البطالة على الصمود وستُصبح مثل الشيطان الذي يفرّ عندما يسمع ذكر الله، وليت كلّ مسؤول يعلم أنّه لو تحرّك هكذا فسوف يُسْعِدُ.. ليس مواطناً واحداً فقط بل آلافًا مؤلّفة، وكفى بهذا مُبرِّراً للتحرّك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store